السر

هذا الكون وهذا الوجود بني على تناغم فريد ودقيق خاضع لأمر الله تعالى ويؤدي دوره في نسق مرتب ونظام عالي الإبداع لأنه من صنع الخالق سبحانه.

الإنسان في هذه المنظومة يلعب دوراً رئيساً حيث سخر الله له كل شيء حتى يؤدي دوره في العبادة وإعمار الأرض وإصلاحها.

الإنسان له مدار معين يحقق فيه أعلى إنتاجية ممكنه مستغلاً كل قدراته ومواهبه وإمكاناته التي حباه الله.

هذا المدار هو بمثابة السر العظيم والذي قد لا يوافقه كل أحد مهما امتدت به الحياة، ووظيفة الفرد في هذه الحياة هي إكتشاف ذلك المدار ومعايشته بعمق وسؤال الله بأن يهديه لهذا الطريق.

عندما يخضع ويستسلم الإنسان لله ويقر بوحدانيته وألوهيته ، ويخضع لأوامره ويجتنب نواهية ويؤمن بالله إيماناً راسخاً يمنح الشفرة لدخول هذا المدار وينطلق بقوة في ميدان الحياة ويحقق أعظم الإنجازات البشرية.

الشيطان والمعصية أو الإشراك بالله يعطلان أهم القدرات الخارقة في الإنسان والتي أعلى مراتبها معرفة لماذا خلقنا ؟ وماهي الغاية من وجودنا على الأرض ؟ ومن خالقنا ؟ وماذا يريد منا؟ وغيرها من الأسئلة المهمة التي تنير البصيرة وتمهد للعظمة الإنسانية.

الشيطان والمعصية يفسدان القدرة الكامنة المبدعة للشخص حيث تفسد الحواس وتخرج عن مسارها الصحيح ويتجه المرء لوظيفة الإفساد في الأرض ويتلوث نقاءه وصفاءه ويصبح في منزلة الشخص الأعمى ، وفي مرتبة أشد يصبح ذلك الشخص الميت الحي فينعدم تأثيره ويصبح أداة مفسدة ومضرة في الحياة.

يبقى الإنسان حطاماً وركاماً عديم الجدوى في غياب الإيمان ويفقد الإنسان الإتصال العميق بأقوى الملكات والمواهب التي أودعها الله فيه فلا تستغل بشكل كامل ويعيش الإنسان في دوامة الشقاء ويكابد الألم والتعاسة والعذاب النفسي لخروجه عن مدار الإيمان الذي يشافي الروح ويبث فيها الحب والأمل والسلام والراحة والطمأنينة والهدوء والصفاء وهي عوامل مهمة جداً للإبداع وتحقيق العظمة.

الإيمان والتوبة والعلم بالله يطهرون ذلك الفساد في كل الحواس ويمنحون الفرد المؤمن نوراً ربانياً يستشري في كل الحواس وهذا النور يقود المؤمن لإكتشاف مواهبه وقدراته الذاتية وتمكنه من استثمار هبة ونعمة الوقت وتوظيف تلك المواهب والقدرات حتى يترك أثراً في الحياة يرضي الخالق وينال به المنازل العظيمة في الدنيا والآخرة ويصل لأسمى درجات السعادة والفلاح.

الإتصال المستمر بحبل الله والعلم والإيمان يوجدون الطريق المستقيم في غياهب ودهاليز وظلمات وشعاب الحياة المحفوفة بالمخاطر المضطردة والصعاب والتحديات والفتن ويوجدون السلام النفسي والطمأنينة في أحلك الظروف وأشدها قسوة و يجعل أهداف المؤمن جلية أمامه ويدفعه الإيمان لإستثمار طاقاته وقدراته في تحقيق أهدافه في الحياة مزوداً بالطاقة الإيمانية الملهمة التي تولد العزيمة العالية فيستثمر الوقت والجهد وكل القدرات والعوامل المساعدة المعينة لإعمار الأرض وتحقيق العظمة والتكامل للروح الإنسانية وصنع المعجزات.

العلم والإيمان يرفعان المؤمن عن ترهات البشر وعن سفاسف الأمور ويترقى المؤمن في الدرجات بإتجاه الخالق وما يريده الخالق فينعم المؤمن بخصوصية تكون تجلياتها عظيمة للروح والمشاعر والفكر.

بينما يعد الوقت الذي يسلم المرء نفسه للمعصية والحرام وقتاً شيطانياً هدفه وغايته تدمير وتعطيل كل حواسه وتلويثها فتغطي عينيه عن رؤية النور ويضل فكره عن الطريق الصحيح ويضل عندها المرء حائراً يكابد الألم والمعاناة والشقاء والتعاسة والعذاب النفسي ، مشتتاً تائهاً ليصبح أخيراً ممارساً لدور الإفساد والغواية في الأرض كما يفعل الشيطان وأعوانه.

وأخيراً عزيزي القارئ ، إنك لست في حاجة لأن توجه نفسك إلى تردد الكون لتحقق أهدافك بل أنت في حاجة لأن تستقبل التردد الإيماني للروح وسيصنع بك الإيمان كل المعجزات وهذا هو السر الرباني الذي تحتاج لإكتشافه والتناغم والإندماج معه بقوة وسترى بعينيك وتلمس بقلبك روعة وسحر الإيمان فانطلق نحو هذه التجربة العظيمة ولاتتردد وعايش ذلك النعيم العظيم.

وفي الختام أيها الإنسان المخلوق العظيم إنك بمثابة قطعة أحجية في لوحة الكون الكبيرة لن تعمل بالشكل المناسب إلا إذا وضعت كل ذاتك في المكان الصحيح الذي حدده ورسمه لك الخالق الذي أتقن كل شيء صنعاً وسترى أمراً عجباً يذهل كل حواسك لأنك تتحرك أخيراً في المدار الإيماني للروح.

الإيمان…. المعجزة العظيمة
الإيمان…. مطلق القدرات والمواهب
الإيمان….. المساعد على إكتشاف الذات
الإيمان…. المساعد على تحديد الأهداف
الإيمان…. مطلق العزيمة والإرادة التي لا تفتر
الإيمان…. نور الحياة
الإيمان… موجد الحب
الإيمان… مصدر السلام والصفاء
الإيمان… نبع الأمل الذي لا ينضب
الإيمان…. مبدد الظلام
الإيمان… ذلك السر العظيم
الإيمان … كل شيء

نوار بن دهري

[email protected]

مقالات سابقة للكاتب

3 تعليق على “السر

المؤمن كالغيث

الخليفة في أصلهم أنهم على الفطرة والإيمان وقد أخذ تعالى المثياق منهم كما بين ذلك في خواتيم سورة الأعراف وأقر عليهم أنه فرد صمد لا شريك له وبذلك أقروا وأذعنوا فإذا هم على الإيمان والفطرة توحيد الله وطاعته بالسليقة وإنما جاءت الشياطين فاجتالتهم عن صراط الله المستقيم كما جاء ذلك في غير ما رواية عن النبي صلى الله عليه وسلم، وبهذا يتبين ما ذكره الدكتور نوار وفقه الله وصواب ما رمى إليه أن الإنسان بحاجة أن يرجع إلى طبيعته ويعرف صحيح كنهه فالعبادة والتوحيد والطاعة والعفاف دائم وطبيعي والشرك والمعصية والفجور طارئ وجديد وبذلك يجدد الإنسان التوبة بين وقت وآخر ويعود باللائمة على نفسه حتى يعتز ويرتدع ويتوب ويعتبر فالله سبحانه لا ينفعه عبادة خلقه ولا كفرهم وإنما هي أعمالهم يجازيهم عليها إن خيرا فخير وإن شرا فشر فليعرف السر الذي هو في حقيقته إعلان ويزيل الغشاوة عن عينيه وينظر ببصيرة اليقين ويستعد للقاء الله تعالى .

عبد المجيد يوسف عبدالله

سبحان الله الخالق البديع الذي أتقن كل شئ خلقه…يا لها من دقة متناهية ونظام بديع سبحان الله ربنا ورب كل شئ.
نسأل الله أن يجدنا حيث أمرنا وأن نسير على الطريق القويم حتى نلقى ربنا.
جزاك الله خيراً وبارك الله فيك،، اللهم ردنا إليك رداً جميلاً

د كتور ايمن بن عبد العزيز

السر في النفس المطمئنة السر في التفوق في الازدهار في تحقيق الأهداف النبيله السر في السعادة السر في جودة الحياة هو ان تدخل في المجال المغناطيسي المجال الروحاني فتكون حيث يحب الله ان يراك ولا تكون حيث لا يحب الله ان يراك و : أوحى الله تعالى إلى موسى كن لي كما أريد، أكن لك كما تريد وقال رسول الله لا يرد القدر الا الدعاء ولا بزيد في العمر الا البر وان العبد ليحرم الرزق بالذنب يصيبه وهذا مجرب ومعروف وقال الشاعر نعيب زماننا والعيب فينا وما لزماننا عيب سوانا اللهم ردنا إليك ردا جميلا وارزقنا الهدى والتقي والعفاف والغني واغننا بحلالك عن حرامك اللهم اهدنا صراطك المستقيم وخذ بايدنا واربط علي قلوبنا وثبتنا علي الحق حتى نلقاك وانت راض عنا السر كما قال الله تعالي لسيدتا براهيم عليه السلام اذ قال له ربه اسلم قال أسلمت لرب العالمين

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *