صِهْري … رفقاً بي !

عندما يتزوج الإنسان من أي قبلية أو عائلة ، تنشأ أسرة متصاهرة تمتد بين أقارب الزوج والزوجة ، هذه المصاهرة لها حقوقها وآدابها ، فالعناية بها مطلب شرعي ، اقتداء بالنبي الكريم – صلى الله عليه وسلم – في تعامله مع أصهاره ، فكان عليه الصلاة والسلام ، يحترم أصهاره ، ويقدرهم ، ويعتني بشؤنهم ، وهذا ما يفعله مع زوجه ، خديجة -رضي الله عنها – حتى بعد وفاتها ؛ فعَنْ عَائِشَةَ -رضي الله عنها- قَالَتْ: «اسْتَأْذَنَتْ هَالَةُ بِنْتُ خُوَيْلِدٍ، أُخْتُ خَدِيجَةَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَعَرَفَ اسْتِئْذَانَ خَدِيجَةَ، فَارْتَاعَ لِذَلِكَ، فَقَالَ:(اللَّهُمَّ هَالَةَ!)» (متفق عليه).

ومن أقرب الأصهار للزوج والزوجة ، الأب والأم ، من جهة الطرفين، نعم إن أب الزوجة ، هو أقرب صهرٍ لك ، لأنه اختارك من بين الرجال ، وأعطاك ابنته ، فلذت كبده ، ورضيك ، أن تواصل مسيرة رعاية هذه البُنيّة ، أَمِنَك عليها ، ووثق بك في حمايتها ، والقيام بشوؤنها ، ولا يخفى على القارئ – منزلة البنت في قلب الأب – وعلى هذا ، ما منزلة أبي زوجتك ( نسميه العم في عرفنا ، أو الخال ) كم له من التقدير والاحترام عندك ، اعمل مقارنة بسيطة ، أيهما في مخيلتك ، أولى بالاهتمام والاحترام والتقدير ، وإعطائه المكانة اللائقة به ؛ الصديق والزميل أم صهرك ( أبو زوجتك ).

أصهارك – إخوان زوجتك ، الذين رضيت ، أن تصاهرهم ، وتعتز بالقرب منهم ، وسيكونون ، خَوَال أولادك ، كيف علاقتك معهم ، ومامدى قوة الرابطة بينكم ، لأن هذه الشبكة ( الزوجة وأقاربها والزوج وأقاربه ، أولادك وأحفادك ) كلهم سلسلة واحدة ، تحتاج بعضها البعض ، في الصلة بالمعروف ، فكلما زادت قوة الرابطة ، والتقدير والاحترام ،كما غاب الشقاق والنزاع والفرقة والقطيعة .

ولو نظرنا إلى واقع بعض الأسر المتصاهرة اليوم ، لوجدنا ، العجب العجاب ، رجل يقطع صلته بصهره ( والد زوجته ) من أجل خلاف مع زوجته ، بالمقابل أبو الزوجه يقطع صهره ( بناخيه بعُرف البعض ) من أجل خلاف بين ابنته وزوجها ، وقد يكون ذلك الخلاف لأمر دنيوي ، وهذا الأغلب في النزاعات بين الزوجين لأمور دنيوية ، يزيد إشعالها الشيطان ، والأب والأم ، تتغلب عليهما العاطفة ، ويقفان موقف ابنتهم ، حتى يقع الطلاق أحياناً ، ثم فترة من الزمن يحصل الندم ، وتعود العقول لرشدها ، ويقال ؛ ياليتنا ، أصلحنا الأمور ، وجبرنا الكسور ، وما تفرقت هذه الأسرة وتشتت ، والذي يعجب له العاقل ، عندما يحصل الفراق بين زوج وزوجته ، لأي سبب كان من جهة الزوج أو من جهة الزوجة ، أو من كليهما ، حصلت القطيعة بين الأصهار ، وأخذ كل واحد يذكر معايب ومثالب الآخر ، وتحصل التهم والظلم , وهتك الأعراض بالغيبة ، والنميمة وقول الزور ، والتهم ، وربما الزوج كشف أسرار بيته مع زوجته ، والزوجة كشفت أسرار بيتها مع زوجها ، وأصبحت مجاهرة ، الله ستر عليهم ، وهم يخرجون المستور ، كل ذلك بسبب الفراق بينهم ،والله يقول ﴿وَإِن يَتَفَرَّقا يُغنِ اللَّهُ كُلًّا مِن سَعَتِهِ وَكانَ اللَّهُ واسِعًا حَكيمًا﴾ [النساء: ١٣٠].

فلماذا هذا الواقع المؤلم بين الأسر المتصاهرة ؟ أما علموا أن هذه إرادة الله وقضاؤه وقدره ، لماذا والد الزوجة وأولاده يقطعون صهرهم ( زوج ابنتهم ) بمجرد ، انتهى النصيب مع ابنتهم ، لماذا أيها الزوج : تقطع أصهارك وخاصة ، أم زوجتك ، وأنت محرم لها ، لماذا تقطع صلتك بهم لمجرد فراقك لابنتهم ، إما نطبق تعاليم ديننا في حق المسلم لأخيه المسلم ، في الصلة ، وإجابة الدعوة ، والإحسان بالمعروف ) والأصهار أولى وأقرب في الحقوق من البعداء .

قضايا تحتاج منا إعادة نظر ، وتأمل ، وأن نسقط عليها ، ميزان الشرع في تعاملنا مع أصهارنا .

وفق الله الجميع لما يحب ويرضى .

د.صلاح محمد الشيخ
مستشار أسري وتربوي

مقالات سابقة للكاتب

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *