تفويت المنافع بفوات النِّية

الحمدُ لله وحدهُ ، والصَّلاة والسَّلام على من لا نبي بعدهُ ، وبعد ..

النيَّة مُهمَّة في قَبُول العمل عند الله تعالى ؛ فإنَّ كُل عمل لابدَّ له من نيَّة ، فأي عمل مهما كان صالحاً بلا نيَّة احتساب الثواب عند الله تعالى لا يُقبل ، فإن كان دافعه للعمل عَرَض من أعراض الدنيا، أو شهوة من شهواتها، نقول إنَّ الله لا يقبل من العمل إلا ما كان خالصاً لوجهه الكريم.

فقد ثَبَت في الصحيحين مِن حديث عمر رضي الله عنه قال : سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ ” : إِنَّمَا الأَعْمَالُ بِالنِّيَّةِ ، وَإِنَّمَا لامْرِئ مَا نَوَى ؛ فَمَنْ كَانَتْ هِجْرَتُهُ إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ فَهِجْرَتُهُ إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ ، وَمَنْ كَانَتْ هِجْرَتُهُ إِلَى دُنْيَا يُصِيبُهَا أَوْ امْرَأَة يَتَزَوَّجُهَا فَهِجْرَتُهُ إِلَى مَا هَاجَرَ إِلَيْهِ “.

ونيَّة بلا عمل يُؤجر عليها حتَّى لو لم يفلح الواحد بالقيام بالعمل ، قال شيخ الإسلام ابن تيمية في الفتاوى الكبرى: ” أن من نوى الخير وعمل منه مقدوره وعجز عن إكماله كان له أجر عامله ” ، وأفضلها نية وعمل .

بل إنَّ النية الحسنة تجعل العمل المباح قربة يؤجر عليها المسلم، ففي قصة تحاور أبي موسى الأشعري ومعاذ بن جبل رضي الله عنهما في كيفية قراءتهما للقرآن، قال معاذ: أَمَّا أَنَا فَأَنَامُ وَأَقُومُ وَأَرْجُو فِي نَوْمَتِي مَا أَرْجُو فِي قَوْمَتِي. رواه البخاري ومسلم.

وقال مطرف بن عبد الله : صلاح القلب بِصَلاح العَمَل ، وصَلاح العَمَل بِصَلاح النِّـيَّة ، وأما استحضار الباعث أو نية الاحتساب بعد انقضاء العمل فهذا لا يحصل به الثواب ، ولا يَجوز التَّلَفُّظ بالـنِّـيَّـة ؛ لأنَّ الـنِّـيَّـة مَحَلّها القَلْب ، ولأنَّ التَّلَفُّظ بها أمْـرٌ مُحْدَث ، ولا يُتقرَّب إلى الله إلاَّ بِمَا شَرَع.

فلا تفوت على نفسك :
فوات أجر نية نفع الخلق بأيِّ وسيلة كانت مادية أو معنوية ، فإن لم تُوفَّق للعمل لسببٍ ما حال دون ذلك العمل ، فقد وُفِّقت للحصول على الأجر بتلك النيَّة .

ومن الكتب المفيدة في مسألة النية التي ننصح بقراءتها كتاب: مقاصد المكلفين للدكتور عمر الأشقر – رحمه الله – فهو مفيد جدا في بابه.
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين

د. منذر القضاة

مساعد عميد كلية القانون

في جامعة عمان العربية

 

مقالات سابقة للكاتب

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *