الحمدُ لله وحدهُ ، والصَّلاة والسَّلام على من لا نبي بعدهُ ، وبعد
وصلتني هذه القصة الخيالية ؛ فشعرت أنَّ فيها دروس وعبر وحكمة مخفيَّة ؛ فأحببت مشاركتكم بها مع إضافة وتصرف يسير في الشاهد والعبرة من هذه القصة .
تقول هذه القصة أنَّ امرأة طيبة عثرت على ثعبان صغير جائع يُوشك على الهلاك ؛ فقررت أن تنقذه مما يعانيه فأخذته إلى بيتها وآوته ، وبدأت تطعمه وتعتني به حتى كَبر الثعبان وأخذ يعتاد عليها حيث كان يتبعها في كل مكان تذهب إليه داخل المنزل وفى نهاية اليوم كان ينام بجانبها على السرير مستمتعاً بدفئها.
مرت السَّنوات وكبر الثعبان ، وفي أحد الأيام فوجئت تلك السيدة بأنَّ الثعبان توقف فجأة عن الأكل بدون أي سبب معروف حاولت السيدة الرحيمة مع الثعبان كثيراً لكى تجعله يأكل خوفاً عليه من الموت والهلاك إلا أنَّ الثعبان كان يرفض ، وفشلت جميع محاولاتها معه .
ظلَّ الثعبان على حاله هذا لعدة اسابيع رافضاً الأكل إلا أنه كان مازال يتبعها داخل المنزل نهاراً ، وينام بجانبها على فراشها ليلاً بل وزاد عن ذلك بأن كان يلتف حول جسدها وهي نائمة طمعاً في الدفء .
أخيراً ، وبعد عدة اسابيع قررت السيدة أن تأخذه إلى الطبيب البيطري ليفحصه لعله يكون مريضاً ويحتاج إلى العلاج . كشف الطبيب على الثعبان ثم التفت إلى السيدة وسألها :هل لاحظتي أي أعراض أخرى على هذا الثعبان خلاف قلة شهيته وامتناعه عن الطعام ؟؟ – أجابت السيدة بحزن : لا – سألها الطبيب ثانية : هل مازال يرقد بجانبك اثناء نومك ليلاً ؟؟ – اجابت السيدة : نعم فهو متعلق بي كثيراً ويتبعني أينما ذهبت داخل المنزل ، وينام بجانبي في السرير كل ليلة . –
سألها الطبيب : ألم تلاحظي أنه في بعض الأحيان يقوم بلف نفسه حول جسدك اثناء نومه بجانبك ؟؟ – اندهشت السيدة كثيراً وقالت للطبيب : نعم … نعم .. فإنه في الآونة الأخيرة واثناء مرضه كان أحياناً يلتف حولي اثناء نومي طمعا في الدفء والحنان ، وكان حينما استيقظ يتبعني بعينه فأهرع لتقديم الطعام له لكنه للأسف كان يرفض الأكل ويظل في مكانه . هنا تبسَّم الطبيب وقال لها : سيدتي …إنَّ هذا الثعبان ليس مريضاً بل يستعد لالتهامك !!! أنه فقط يحاول أن يجوع فترة طويلة حتى يمكنه من أكلك كما أنه يحاول كل ليلة أن يلتف حول جسدك ليس حباً فيكِ ولا بحثاً عن الدفء والحنان كما تعتقدين .. أنه يحاول أن يقيس حجمك مقارنة مع حجمه حتى تستوعب معدته وجبة بحجمك إنَّه يُعد العدة للهجوم عليكِ في الوقت المناسب .. فخذي حذرك سيدتي وتخلصي من هذا الثعبان سريعاً!!!
الرسالة والعبرة من هذه القصة قد يعتقد البعض أنه يستطيع تغيير من حوله بالحب أو العطف أو الإحسان صحيح قد تنجح أحيانا مع بعضهم .. لكن تذكر أنَّ هناك طبائع وصفات تكون متأصلة في بعض الناس لا ينفع معها الإحسان ولا تعالجها المحبة وبمجرد الفرصة الأولى يبادر إلى الخلاص منك ، وأن يحل بدلاً منك وهذه النوعية من البشر يكون الاقتراب منها خطر جسيم .
وفي نهاية هذه القصة أقدم نصيحة لك فبادر بالتخلص من ثعبانك قبل أن يأكلك ويلتهمك
فليس كل شخص تخسره في حياتك يعتبر خسارة أحيانا يكن هذا مكسب لك..
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين
د. منذر القضاة
مساعد عميد كلية القانون
في جامعة عمان العربية
مقالات سابقة للكاتب