أجرٌ كبير، وزُهدٌ مرير!

هل هنالك أيسر من أن يغلق المرء فمه ويرعي سمعه بإنصات لكلام يبعث في قلبه وأركان جسمه الطمأنينة والراحة والانشراح؟!

فكيف بالأمر إذا كان ذلك المسموع مما يرشد إلى السلامة والخير والفلاح والنجاة، والفوز والظفر بكل محبوب ومرغوب، والنجاة والسلامة من كل مخوف ومرهوب، مما يستحق أن يبذل الشخص في سبيل الوصول إليه وتحصيله كل ما يمكنه بذله مما يملك، ومما لا يملك؟!
فكيف به إذا كان الإنسان يحصِّل بمجرد الاستماع إليه من الرحمة ووافر الأجور ما لا يحصيه ولا يحيط به إلا اللطيف الخبير؟!
﴿قُل بِفَضلِ اللَّهِ وَبِرَحمَتِهِ فَبِذلِكَ فَليَفرَحوا هُوَ خَيرٌ مِمّا يَجمَعونَ﴾

إن القلم ليكل وإن المداد لينقطع لو حاول الإحاطة بفضائل كتاب الله جل وعلا، وينقلب خاسئا وهو حسير.

وإن الصحف لتضيق مهما اتسعت وكبرت، وتعجز مهما تعددت وكثرت عن أن تستوعب مزاياه وما يُعجَّل ويُدَّخَر لأهله من رحمة وفضل وعد بهما المتفضل الواسع القدير.

وإذا كانت تلاوة القرآن الكريم على الوجه المأمور به لا تُحصَّل إلا بتعَلُّمٍ ومُدارسةٍ تُثنَى فيها الركب أمام أهل العلم به مُدداً قد تطول، ويتفاوت الناس مع ذلك التعَلُّم في اتقانه بين ماهرٍ به يكون بذلك مع السفرة الكرام البررة، ومتتعتعٍ فيه يَشُقُّ عليه يَحصُل له بذلك أجران، ودرجات كثيرة بينهما لا يضيع أجر أحدٍ من أربابها عند الكريم الوهاب – إذا كانت تلاوة القرآن تتطلب ذلك فإن الاستماع إليه لا يتطلب أكثر من إصغاءٍ بالسمع، وحضورٍ للقلب يسيح معه في ملكوت الله تعالى، ويتقلب معه في نعيم الله الذي خص به هذه الأمة، ومما يزيد الأمر سهولة ويسراً ما هيأه الله تعالى في هذا العصر من سبل متنوعة مختلفة يتيسر معها الاستماع للقرآن الحكيم بأصوات قراء متقنين ماهرين به، في أي وقت، وفي أي مكان!
﴿أَوَلَم يَكفِهِم أَنّا أَنزَلنا عَلَيكَ الكِتابَ يُتلى عَلَيهِم إِنَّ في ذلِكَ لَرَحمَةً وَذِكرى لِقَومٍ يُؤمِنونَ﴾

وإن في قيام رمضان مع الجماعة (صلاة التراويح) لفرصة وأي فرصة ليعيش المسلم بداية حيَُة لهذه التجربة، يكتشف بها حقاً أنه أمام كنز عظيم، ربما لم يسبق له أن تنبه لقيمته وأثره على حياته ومستقبله الدنيوي والأخروي.

فأيُّ غَبنٍ يلحقنا بزهدنا في عمل كهذا عظيم القدر، كبير الأجر، يدرك بلا أدنى تعب أو مشقة!

﴿إِنَّمَا المُؤمِنونَ الَّذينَ إِذا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَت قُلوبُهُم وَإِذا تُلِيَت عَلَيهِم آياتُهُ زادَتهُم إيمانًا وَعَلى رَبِّهِم يَتَوَكَّلونَ۝الَّذينَ يُقيمونَ الصَّلاةَ وَمِمّا رَزَقناهُم يُنفِقونَ۝أُولئِكَ هُمُ المُؤمِنونَ حَقًّا لَهُم دَرَجاتٌ عِندَ رَبِّهِم وَمَغفِرَةٌ وَرِزقٌ كَريمٌ﴾
جعلنا الله وإياكم منهم، وجمعنا في الجنة بخاتم رسله محمد صلى الله عليه وسلم.

محمد بن أحمد الأنصاري

مقالات سابقة للكاتب

4 تعليق على “أجرٌ كبير، وزُهدٌ مرير!

علي ايد

بارك الله فيك شيخنا ونفع بكم

ابو سعد

وفقكم الله وسددكم

محمد إبراهيم الأنصاري

اللهم آمين
بوركت مولانا كلمات من نور

Basim ALLUQMANI

رفع الله قدرك شيخنا ونفع بعلمك المسلمين

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *