نستقبل هذه الأيام موسم من مواسم الفرح والسرور عند المسلمين ألا وهو (عيد الفطر المبارك) أعاده الله علينا وعلى الأمة الإسلامية باليمن والبركات .
وأَقْبلَ العِيْدُ بالأفْرَاحِ مُنْتَشِياً
يا فَرْحَةَ العِيْدِ زُوْرِي كُلَّ أَحْبَابِي
وبَلِّغِيْهُمْ تَهَانِي القَلْبِ عَاطِرَةً
هُنِّيْتُمُ العِيْدَ في أُنْسٍ وأَطْيَاب
وعيد الفطر هو أول أعياد المسلمين وأول أيام شهر شوال ويأتي بعد صيام شهر رمضان المبارك ويكون أول يوم يفطر فيه المسلمين بعد صيام الشهر كله ولذلك سمي “بعيد الفطر “.
وقد وردت كلمة “العيد” في القرآن الكريم، قال الله تعالى: {قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ اللَّهُمَّ رَبَّنَا أَنْزِلْ عَلَيْنَا مَائِدَةً مِنَ السَّمَاءِ تَكُونُ لَنَا عِيدًا لِأَوَّلِنَا وَآخِرِنَا وَآيَةً مِنْكَ وَارْزُقْنَا وَأَنْتَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ}.
والعيد هو كل يوم فيه جمع وأصل الكلمة من عاد يعود .
قال ابن الأعرابي : “سمي العيد عيدًا لانه يعود كل سنة بفرح مجدد”.
وقيل: “سمي العيد بذلك لأن الله يعود فيه بالإحسان على عباده على إثر أدائهم بطاعته بالصيام”.
قال شيخ الإسلام بن تيمية – رحمه الله – : “العيد اسم لما يعود من الاجتماع على وجه معتاد عائد، إما بعود السنة أو بعود الأسبوع أو الشهر أو نحو ذلك”.
وقال الشاعر المتنبي :
عيدٌ بِأَيَّةِ حالٍ عُدتَ يا عيدُ
بِما مَضى أَم بِأَمرٍ فيكَ تَجديدُ
والأعياد في الإسلام على قسمين :
الأول: أعياد زمانية مثل: عيد الفطر وعيد الأضحى وأيام التشريق ويوم عرفة ويوم الجمعة.
الثاني: أعياد مكانية – شرعية – وهي الأماكن التي يقصدها المسلمون في موسم الحج والعمرة وتعرف “بالمشاعر”يقول الإمام ابن القيم – رحمه الله – : “فالمسجد الحرام ومنى والمزدلفة وعرفة والمشاعر جعلها الله تعالى عيداً للحنفاء ومثابة، كما جعل أيام التعبّد فيها عيداً”.
ويوم العيد هو يوم فرح وسرور وسعادة للمؤمنين في دنياهم وأخراهم وإنما ذلك بفضل مولاهم كما قال الله تعالى : ( قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَٰلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِّمَّا يَجْمَعُونَ ) .
💎آداب وسنن العيد:
🔸التكبير يوم العيد : لقوله تعالى ( وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَىٰ مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ ) .
وكان ابن شهاب الزهري – رحمه الله – يقول : ( كان الناس يكبرون منذ يخرجون من بيوتهم حتى يدخل الإمام ) .
ووقت التكبير في عيد الفطر يبتدي من ليلة العيد إلى أن يدخل الإمام لصلاة العيد وكان ابن مسعود رضي الله عنه يقول ( الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله الله أكبر الله أكبر ولله الحمد ) .
الله أكبر هل أحيا لأسمعها
إن كان ذلك يا فوزي ويا طربي
🔹الإغتسال قبل الخروج إلى الصلاة :
فقد صح في “الموطأ” وغيره أن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما: “كان يغتسل يوم الفطر قبل أن يغدو إلى المصلى” .
🔸أكل تمرات: ويبادر المسلم إلى الإفطار قبل الخروج إلى الصلاة على تمرات يأكلهنّ وتراً فلقد “كان النبي ﷺ لا يغدو يوم الفطر حتى يأكل تمرات ويأكلهنّ وتراً”.
🔹التهنئة بقدوم العيد: فهي من مكارم الأخلاق وتستحب بما تعارف عليه من الصيغ والتي يتبادلها الناس فيما بينهم مثل قول بعضهم لبعض “تقبل الله منا ومنكم” أو “عيد مبارك “.
فعن جبير بن نفير قال : كان أصحاب النبي ﷺ إذا التقوا يوم العيد يقول بعضهم لبعض: (تقبل الله منا ومنكم ).
وللإمام السيوطي رسالة في ذلك بعنوان “وصول الأماني بأصول التهاني” ذكر فيها آثاراً عن السلف في ذكر التهنئة .
عيدٌ يعودُ عليكم بالمسَرَّاتِ
تقبل اللهُ أتعاباً بطاعاتِ
وعيد فطرٍ أتانا اليوم مبتهجاً
يوم الجوائزِ أفراحُ النهاياتِ
من الفؤاد أهنيكمْ بمقدمهِ
وكلُّ عامٍ وأنتم بين خيراتِ
🔸 التجمل في العيد : لقول جابر رضي الله عنه قال : ” كان للنبي ﷺ جبة يلبسها للعيدين ويوم الجمعة”. وروي البيهقي أن ابن عمر رضي الله عنهما: ” كان يلبس أجمل ثيابه “.
فينبغي للمسلم أن يلبس أجمل ماعنده من الثياب عند الخروج للعيد .
🔹الذهاب من طريق والعودة من آخر:
ويسن أن يذهب المسلم إلى صلاة العيد من طريق ويعود إلى بيته من طريق آخر لما ثبت عن جابر رضي الله عنه قال : ” كان النبي ﷺ إذا كان يوم عيد خالف الطريق”.
🔸إخراج زكاة الفطر: وأعطائها الفقير للتذكير بحق الضعفاء في المجتمع الاسلامي حتى تشمل الفرحة بالعيد كل بيت وتعم النعمة كل أسرة ولهذا شُرعت صدقة الفطر في عيد الفطر .
ومما ينبغي فعله في الأعياد وتعويد الأبناء عليه تبادل الزيارات للأهل والأقارب والأصدقاء لتقارب القلوب على الود والمحبة وليجتمع الناس بعد افتراق ويتصافون بعد كدر .
بكم ضحى العيد يا أحبابُ يأتلقُ
ومن ضمائركمْ معناهُ ينبثقُ!
لا تحبسوا العيدَ في أزيائكم ترفاً
إنَّ التّكلُّفَ وردٌ مالهُ عبقُ!
لا يلبسُ العيدَ إلا مَنْ يلابسهُ
مَنْ روحهُ وجمالُ العيدِ تتسقُ
قد لا يصافحُ ذوالديباجِ فرحتَهُ
كما يعانقُها من ثوبهُ خَلِقُ!
فلنحرص جميعاً على إحياء هذه “الشعيرة” بالفرح والسرور وصلة الأرحام وزيارة الأهل والأصدقاء والعفو عن الأقارب والجيران.
أعادها الله علينا وعليكم أعياداً عديدة وسنوات مديدة وتقبل منا ومنكم صالح الأعمال وكل عام وأنتم بخير وعساكم من عواده.
مقالات سابقة للكاتب