يدور في خلد الكثير من الزوجات ؛ انشغال أزواجهنّ عن البيوت ، والأولاد ، أو عن عدم تحمّل المسؤولية ، بكثرة الارتباطات مع الزملاء أو الأصدقاء ، والسهرات خارج المنزل ،أو العمل الاضافي المسائي ، أو أي صارف آخر ، ويضعن اللوم والعتاب على أولئك الأزواج ، الذين لايخلون من إصابتهم بذلك السلوك ، لكن تعالوا نناقش القضية بكل صراحة وشفافية وانحيادية ..
أيهما مشغول عن الآخر ، الزوج أو الزوجة ، لا تنظري أيتها الزوجة الكريمة ، بمنظار أحادي ، وتنسين نفسك من السؤال ، هل أنا مشغولة أيضاً عن زوجي ، الحقيقة التي تغيب عن الزوجات ، أو هنّ اللآتي يُردنَ غيابها ، أن الزوجة غالباً ، هي التي تكون أكثر انشغالاً عن زوجها ؛ في فترات مجيئه وحضوره ، للمنزل ، من المعلوم ، بل من العرف أن الرجل ، أكثر ساعاته اليومية في الغالب خارج المنزل ، لعمله وارتباطاته بمسؤوليات ؛ بالإضافة إلى تأمين احتياجات الأسرة ، والزوجة لها دور كبير في رعاية البيت والأولاد والشؤون الأسرية ، ودورها معلوم ومشكور ، ومأجورة عليه ، لكن الحلقة المفقودة هنا في عدم التوافق في معرفة من منهما مشغول عن الآخر ، هي عدم تنظيم الوقت بين حضور الزوج للمنزل والجلوس معه والاهتمام به ، وبين أعمال ومسؤوليات الزوجة في البيت ، في الغالب في كثير من الأسر ؛ إلا القليل ، أصبح البرنامج ، روتيني ، يحضر الزوج للمنزل بعد الدوام ، يتناول الغداء ، أو يرتاح ومن ثم يأكل وجبة الغداء ، لوحده أو مع جزء من الأسرة ، الزوجة مشغولة بالأولاد أو البيت ، أو منهكة من العمل ، يخرج الزوج ، ولا يعود إلا بعد العشاء مبكراً أو متأخراً ، يجد الحال مثل الحال ، كلٌ في فلك يسبح ، يتناول العشاء ، يذهب للنوم ، وربما الكل مواصل سهره ، الزوج ينام بحجة العمل مبكراً ، والزوجة أعانها الله ، تواصل المسؤوليات ، وربما لا ترتاح إلا متأخره ، وهذا يتكرر ، كل يوم ، والجمعة والسبت الارتباطات الخارجية ، ومن ثمّ ؛ كلا الزوجين يلوم الآخر بانشغاله عنه ، فماهو الحل ياترى ؟
الحل من وجهة نظري ، إعادة ترتيب الأوراق ، والجدول ، والأولويات ، والمسؤوليات ، وهذا الدور يعود أكثر على الزوجة ، هي العمود الفقري في المنزل ، تكيف نفسها مع وقت حضور زوجها ، مهما كانت الانشغالات والمسؤوليات ، تتفق مع زوجها الجلوس سوياً ولو لمدة ساعة ،أو ساعة ونصف ، غير وقت وجبة الغداء أو العشاء ، جلسة ودية ، حوارية ، تخطيطية لشؤون البيت ، والأغلب أن تكون جلسة مرحة ، الكل يعبر بارتياحه وشكره للاخر وتقديره لما يقوم به من دور أسري في شؤون الأسره ومستلزماتها..
وهذا له أصل في سيرة المصطفى – صلى الله عليه وسلم – فعن عائشة – رضي الله عنها – كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم – إذا انصرف من العصر ، دخل على نسائه ،فيدنو من إحداهنّ …… الحديث
والمقصود أنه كان – عليه الصلاة والسلام – يدور على نساءه للسؤال عنهن والمؤانسة ،ولتحذر الزوجة من إلقاء اللوم المتكرر على زوجها ، في انشغاله عن البيت وكثرة إرتباطاته ، قد تكون هذه العينة موجودة ، لكن تستطيع الزوجة الذكية ، من جذب زوجها ، للجلوس معها ، بمدح هذه الساعات المستقطعة في الجلوس ، والتهيئة الجميلة لهذه الجلسة ، البعيدة عن اللوم ، وكثرة الطلبات ، ومع الاستمرار ، سوف يراجع الزوج نفسه ، في تقدير هذا الموقف والتفاعل معه ..
جربي أيتها الزوجة الكريمة ، هذه الخطة ، وهذا البرنامج ، وهذا السلوك ، لمدة ثلاثة أشهر ، ثم قيمي الوضع ، قبل ؛ وبعد ، سترين الفرق واضح ، وسوف يزول عنك تصور انشغال زوجك عن البيت ، وستنتظم حياتكم الأسرية ، وستشعرين بالمشاركة الفاعلة مع زوجك ، لإكمال تحمّل مسؤوليات البيت ورعاية الأولاد سوياً ، متمنياً لكما ، حياة سعيدة.
د.صلاح الشيخ
مستشار أسري وتربوي
مقالات سابقة للكاتب