الأمن والحياة أمران نظيران ــ فلا حياة بلا أمن ولا استقرار ــ وصناعة الأمن مرتبطة بصناعة الحياة؛ ولا يتقن صناعة أحدهما إلّا من يتقن صناعة الآخر فالذي يصنع الحياة الكريمة هو الذي يصنع الأمن ويوفره للآخرين، وأعني بـ«صناعة الأمن» أن يشارك الإنسان في كل مجالات الأمن ــ سواء كان عسكريًا أو مدنيًا ــ فالمواطن مثلًا يرى الجريمة فحينئذ يجب عليه إبلاغ الجهات المختصة لاتخاذ اللازم، وبذلك يصبح من صانعي الأمن.
وكذلك رجل الأمن حين يقوم بإيصال أبنائه للمدرسة ربما يرى بعض الأخطاء السلوكية والتي قد تقع من بعض الطلاب فيجب عليه إبلاغ المسؤولين في المدرسة لتفادي هذه الأخطاء وتأديب الأبناء وبهذا قد أصلح سلوكًا خاطئًا وشارك في «صناعة الأمن» وحقق التضامن بين رجل الأمن وأخيه المواطن :
جهود الأمن مطلبنا جميعًا ****** ونفخر أن نكون مجندينا
فكونُوا في التضامن والتآخي *** لأمن ديارنا حصنا حصينا
ولإعداد الرجال المتخصصين والمتّصفين بالقدرة والمهارة في «صناعة الأمن» يجب أن تدرك الأسس والأهداف الصحيحة المنبثقة من شريعتنا الغراء والتي يتلقاها رجل الأمن في الكليات العسكرية والمؤسسات والمعاهد الأمنية المعنية بتثقيفه ورفع قدراته العلميّة والفكريّة؛ لكي تتبلور لديه هذه الفكرة فيصبح من صانعي الأمن ويقوم بالمشاركة في تحسين الأوضاع الاجتماعية والأمنية، حتى يكون للأعمال الأمنية تأثير وصدى إيجابي يشعر به كل مواطن ومقيم.
*مهام الصناعة الأمنية:
لكي تكون واحدًا من صانعي الأمن، فإنّ هناك بعض المهام والتي يجب عليك الاهتمام بها، وألخصها لك في النقاط التالية:
المهمة الوقائية: وأعني بها وقاية نفسك وأهلك من الوقوع فيما حرم الله عز وجل، امتثالًا لقول الله تعالى: ﴿ يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ قُوٓاْ أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا﴾ [الحجرات: 6].
وكذلك وقاية الأبناء من أخطار وصحبة رفقاء السّوء، والوقوع في المخدرات وبيان آثارها وبهذا تكون من صانعي الأمن حيث حافظت على أسرتك وأبنائك وجنبتهم أضرار الانحراف السّلوكي والأخلاقي، وبهذا تكون قد ساهمت في وقاية المجتمع من الجرائم وأسباب الانحراف.
المهمة الإعلامية: وتكون بنشر الوعي الأمني في محيط أسرتك ومجتمعك بالمخاطر الفكريّة والسّلوكية والتي تبثها بعض القنوات الفضائية، والشبكات العنكبوتية.
المهمة التربوية: وهي مهمة الإرشاد والتوجيه والإصلاح، بالرغم من وجود أجهزة دعوية ومؤسسات تعليميّة متخصصة تقوم بهذه المهمة، إلّا أن مسؤولية التربية في حدّ ذاتها مسؤولية مشتركة بين الأفراد ومؤسسات المجتمع، من أجل الوصول إلى مجتمع سويّ.
المهمّة النفسية: وتتعلق بإشاعة الطمأنينة في نفوس الآخرين، وجعلهم يشعرون بالأمن والاستقرار وأنّ هناك من يحميهم، ويسهر على مصالحهم ويتعاطف معهم، ويسعى في حلّ مشاكلهم الاجتماعية والأسرية.
وإن أعظم سبب يجب الأخذ به لتكون من صانعي الأمن في نفسك وفي مجتمعك توحيد الله تعالى وتحقيق العبودية له، قال عز وجل: ﴿ الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُم بِظُلْمٍ أُولَٰئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ وَهُم مُّهْتَدُونَ ﴾ [الأنعام: 82] أي لم يخلطوا توحيدهم بشرك، جعلنا الله وإياكم من المخلصين له في عبادته وممن ينشرون الأمن والطمأنينة في قلوب الآخرين.
خالد بن محمد الأنصاري
مقالات سابقة للكاتب