قف أيها الزوج الفاضل!

مشروعك أيها الزوج ، أسرتك ومن تعول ، وبالأخص الزوجة والأولاد ، وبما أن الزوجة هي المحور الرئيس في كيان الأسرة ، فالاهتمام بها ، ورعايتها ، والعناية بها ، ومشاركتها ، هموم الأسرة والأولاد ، مطلب ملح ، وخاصة مع التحديات والمستجدات التي تواجه الأسرة ، فكرياً وسلوكياً ، وثقافياً .

فالزوجة عزيزي الزوج مثل الزهرة ، تحتاج الى رعاية ، وعناية ، وسقاية ، ومحافظة ؛ فمنذ أن ارتبطت بها ، وعبيقها يتدفق عليك ، بالسكن ، واللذة ، والهدوء والطمأنينة ، وتحمّل مسؤولية البيت ، وسادت بينكما المودة والرحمة، قال تعالى ( خلق لكم من أنفسكم أزواجاً لتسكنوا إليها وجعل بينكما مودة ورحمة )..

عشتم في المراحل الأولى من الزواج ؛ حياة وردية ، يسودها الحب ، والعطف ، والتسامح ،والتغافل، والتماس العذر ، والزهرة تنمو ؛ في مراحل عمرها ، بين يديك ، وتتفتح ، وتعطي ثمارها ( الذرية ) .

وهنا وقفة ! بعد وجود الأولاد ، وتعدد المهام والمسؤوليات على الزوجة ، نجد معيار الاهتمام ، والتقدير ؛ من قبل الزوج ؛ بدأ في التناقص ، وربما وصل إلى حد الانعدام ، تُرى لماذا ؟

أمن أجل وجود الأولاد ؟
أم من أجل الانشغال برعايتهم ؟
أم من أجل نسيان الفضل بينكما ؟ ( ولا تنسوا الفضل بينكما) ،
أم ماذا ؟

أما علمت ، أيها الزوج ، أن تلك الزهرة ، بعد إنتاجها ، أحوج ما تكون ، للرعاية والاهتمام ، أما عرفت أنك أصبحت قائداً لأسرة كبيرة ، بفضل الله تعالى أولاً ، ثم بسبب هذه الزهرة ، أما ، وقفت مع نفسك ، وقلت كم تتحمل هذه المصونة من أعباء ،ومن متاعب ، وهموم ، في إدارة ، هذا البيت ، الذي يضم أولادي وبناتي ..

عزيزي الزوج ، لا يخطر ببالك ، أن دور الزوجة محدود ، أو مؤقت ، أو يمكن الاستغناء عنه ، لاتظن ، أن المسؤوليات التي تتحملها وتقوم بها ، عادية ، يمكن أن تتحقق بدونها ،أبداً ، فهي الأم ، والزوجة ، والراعية ، والقائدة ، والصبورة ، والعطوفة ، والمضحية ، وكل شأنٍ في المنزل لها فيه بصمة ، ودور ، قد تعلمه ، وتستشعره ، وقد يغيب عنك ،

هي المدير التنفيذي ، إن صح التعبير ، الذي ، يعتمد ، عليه ، في تنفيذ ، سياسة البيت ، ورعاية الأولاد ، ودفع عجلة الأسرة ، بل هي الثروة التي تستحق المحافظة عليها ، في سبيل تحقيق ، نمو الأولاد ورفعتهم ، وتحقيق أملهم وأحلامهم ،

نعم إن الزوجة تعمل بصمت ، وتتحمل بحب ، وتصبر بود ، وتتغافل برحمة وكرم ..

ما أعلى شأنك أيتها الجوهرة المصونة ،
إن من ينظر للزوجة ، أنها مجرد متاع ، أو آلة تعمل بلا روح ، أو ليس لها ، رأي صائب في إدارة شؤون الحياة ،أو يتصور ، أنه أعلى وأرفع منها ، وينسى ميزان الشرع في قوله تعالى ( إن أكرمكم عند الله أتقاكم ) فكل هذه التصورات ، خاطئة، وليست ، من الدين في شئ ، ولا من شيم العقلاء ، ولا الرجال الفضلاء ، بل الزوجة هي شريكة الحياة في كل الشؤون ، في الاحترام والتقدير ، في علو المكانة اللائقة بها ، في أخذ الرأي السديد منها ، في استشارتها في المواقف والصعوبات التي تمر بالزوج ..

هذا رسول الله – صلى الله عليه وسلم – استشار أم سلمة ، عندما ، أمر الناس بالتحلل من العمرة في صلح الحديبية ، وهم لم يؤدوا العمرة ، منعوا من ذلك بسبب الصلح مع المشركين ، وكأنه شق على الصحابة ، رجوعهم بلا عمرة ، فاستشار زوجته ، أم سلمة ، فأشارت عليه ، أن يخرج وينحر هديه ويحلق ، وسوف يمتثل الناس بك ، ويقتدون ، وحصل الامتثال بهذا الرأي السديد .

ماذا يجب عليك كزوج في التعامل مع الزوجة ؟
وخاصة في مراحل الحياة المتقدمة ، في حال وجود الأولاد وتعدد المسؤوليات ،

إن الزوجة تحتاج في هذه المرحلة ، أن تكون قريباً منها ، تشاركها الهموم والمتاعب ، ترفع سقف العطف والرحمة والحنان ، لا تبخل بالبذل والعطاء ،تحتاج الابتسامة الصادقة ، والمدح الجميل ، والاهتمام المستمر ، تجاهل الهفوات ، وتغافل عن الزلات ، ولتدرك ؛ أن حصول شيء من التقصير في جانبك ، إن وجد ؛ لم يكن مقصوداً ، فربما يكون من كثرة المسؤوليات الملقاة على عاتقها ، فيرمى هذا التقصير ؛ في بحر الايجابيات والأفضال التي تقوم بها الزوجة ..

عزيزي الزوج ، إذا أردت الحياة الجميلة ، والسعادة الدائمة ، فكن ايجابياً مع زهرة عمرك ، وربة بيتك ، وأم أولادك ، ونبض فؤادك ، جدد معها الحياة ، نعم هذا مطلب ، وخاصة في هذا الزمن ، اجعل منها ، تلك الزهرة التي لا تذبل ، ولا ينقص عطرها ، كل ذلك بالأساليب المتنوعة المتجددة التي تجعل منها ، كياناً لا يمّل ولا يكلّ ، من تعدد المهام ، وإن تكررت من رعاية ، واهتمام ، للمحافظة على هذا الصرح الشامخ ، ( بيت الزوجية ) ..

ولتعلم عزيزي الزوج بأن المرأة ، رقيقة المشاعر ، رهيفة الإحساس ، إذا أعْطَت تُعطي بلا حدود ، وإذا والت ؛ كان ولاؤها يتدفق صدقاً وأمانة ، لا تعرف الخيانة ، ولا المراوغة ولا المداهنة ، جوهرة مكنونة ، حافظ عليها ،وصُنْها ، تبقى تتلألأ صفاء ولمعاناً ..

احذر عزيزي الزوج ، من كشف أسرارك في تعاملك مع زوجتك ، لزملائك أو أهلك ، وخاصة فيما يحصل بينكما من اختلاف وجهات النظر ، أو إشكالات في التعامل
فإن فعلت ذلك ، فسترى وتسمع الأراء ، التي تزعجك , بين مؤيد , ومعارض ، ومخبب ، ومنتقد ، ومحذر ، وو……

لهذا اجعل كل مناقشتك ، في محيط أسرتك ، بالحوار الهادئ ، والسعي لحل كل إشكالية داخل هذا المحيط ، وعلى الزوجة أيضاً أن تفهم الموقف وتقدره ، وتجعله ؛ لا يخرج عن إطار الأسرة ، وعليها أن تتفهم مع زوجها ، طرح الحلول المناسبة ، والسعي لأخذ ما يناسب للمحافظة ، على كيان الأسرة واستقرارها .

 

د.صلاح محمد الشيخ
مستشار أسري وتربوي

مقالات سابقة للكاتب

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *