العمل التطوعي … عنوان كبير جدًا .. و مساحات شاسعة للإبداع ، و العمل و الانخراط به صفة فطرية و حاجة مجتمعية ، فالمجتمع كالبيان المرصوص يشد بعضه بعضًا .. الكل يحب الخير ، وما اجتمع قوم و اتفقوا إلا على حب الخير ، و أحب الناس إلى الله أنفعهم لخلقه .
العمل التطوعي ميدان جميل ، إن شئت حكيت عنه في إدخال الفرح و السرور على الغير حكيت ، و إن شئت حكيت عنه في بناء الفرق أبدعت ، و إن تناولت مع الغير أطراف الحديث عنه في بناء الشخصيات و تطوير الذات افتخرت .
طريق سهل و جميل في التطوير و التعليم و تحمل المسؤولية و بناء المجتمع و ترسيخ القيم الإسلامية .
وطننا الحبيب و مؤسساتنا المجتمعية تولي هذا الجانب الاهتمام البالغ من خلال الدعم بنوعيه ، إلى جانب اللقاءات و الملتقيات و التشجيع بتخصيص الجوائز ، و أخيراً التأكيد عليه في رؤية بلادنا ٢٠-٣٠ كمحور مهم من محاور النقلة الجديدة للدولة الحبيبة.
و مع هذه الأهمية الواضحة للعيان بالفرق و المشاريع التطوعية ، فإننا بدورنا كأفراد و إعلام و مؤسسات تعليمية علينا أن نساعد في نشر ثقافة العمل التطوعي ، و نشجع ، و نعين ، حتى نكون شركاء في بناء الرؤية.
لن نختلف إن قلنا أن بذرة العمل التطوعي تبدأ من المدارس ، اغرس فكرة تطوع .. خطط لها .. اسقها … ارعها .. وجها التوجيه الصحيح ، تكن شريكًا في البناء.
و امتداداً لتحقيق هذه الأهداف و قيامًا بالدور الكبير المناط على الإعلام و المؤسسات التعليمية التي تعتبر الداعم الأكبر للمشاريع التطوعية ، لعلنا نحكي بصوت عالٍ عن نموذج في الميدان ، إن حكينا عنه بفخر فهو يستحق ، و إن حكينا عنه بإبداع فهو له عنوان.
“فرحة و طرحة” مشروع تطوعي رائد بالثانوية الثامنة و السبعون بجدة ، فريق عمل يعمل كخلية نحل ، منسوبات المدرسة من أعلى الهرم لأصغر لبنة فيه ، جميعهم شركاء بناء ، بقيادة مديرة المدرسة علياء الشنهاني و صاحبة المشروع المميزة رائدة النشاط المعلمة حسنى زرنوقي.
*رؤيته : إدخال الفرح إلى قلب العروسة بسد حاجاتها و توفير احتياجاتها.
*رسالته : تلبية احتياجات العروس و تجهيزها في ليلة عرسها وسط ارتفاع الأسعار و صعوبة الحياة.
*من أهداف المشروع : يهدف إلى بث روح التعاون و المساندة بين أفراد المجتمع بالتبرع بكل ما هو نظيف و قابل للاستعمال ، مصداقًًا لقوله تعالى “لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون” ، و يهدف أيضاً إلى تنمية و استغلال الطاقات المتميزة و الأفكار المبدعة الموجودة لدى الطالبات في مساندة الغير في عمل مؤسسي منظم .
في كلمة لرائدة النشاط ، تحكي بشغف و حب عن المشروع تقول : خدمة الوطن شرف ، و العمل التطوعي ركيزة مهمة من ركائز بناء الوطن ، و مشروعنا “فرحة و طرحة” أسميناه بهذا الأسم لتعم الفرحة كل بيت لا يستطيع استيفاء احتياجات ابنته لليلة العمر ، و يعمل على تجهيز العروسة من بداية الخطبة إلى أن تدخل بيتها في ليلة عرسها.
و لهذا المشروع مراحل :
– كان للتعليم في إرساء قواعد العمل التطوعي في المدارس النواة الأولى بدءًا بصدور التعميم الوزاري بأهمية الأعمال التطوعية و الحث على أهميتها في الميدان .
– تدشين مدير تعليم جدة الموقع الالكتروني لبرنامج سواعد التطوعي ، و الحث على تسجيل الطلبة و ساعات العمل التطوعي بالموقع “http://www.swaaid.com” .
– نشر ثقافة العمل التطوعي بصفة عامة و الاعلان عن المشروع بصفة خاصة ، من خلال قروبات الواتساب و وسائل التواصل الاجتماعي الأخرى ( من قبل ٦ أشهر ) .
– مرحلة استقبال احتياجات العروسة من خلال مندوبين متطوعين؛ يصلون عن طريق الاتصال بالمتبرعين للتوصيل للمشروع.
– مرحلة الجمع و الفرز بتكوين مجموعات التصنيف لملابس و احتياجات الأفراح.
– توزيع المتطوعات – طالبات المدرسة -على مجموعات للقيام بأعمال التغليف و التنظيم ، و ذلك أثناء حصص الاحتياط داخل المدرسة و بمقر خاص للمشروع خارج المدرسة .
– إعداد قاعدة بيانات للأسر المحتاجة اللاتي لديهن بنات مقبلات على الزواج من خلال التواصل مع الدور و الجمعيات الخيرية.
– التواصل مع تلك الأسر بالحضور لاستلام جميع المستلزمات من توفير فساتين الأ فراح و….و … إلى cd معد للزفة .
– على مستوى المدرسة ، تم القيام بعملية مسح للمدرسة .. لحصر عدد الطالبات المقبلات على الزواج حيث بلغ عددهن ١٣ طالبة.
– إعطاء الطالبات دورة تأهيلية للزواج ، مقدمة من جمعية الشقائق و محكومة بجلسات مغلقة مع الدكتورة المدربة للطالبات.
– عقد جلسات ودية للمعلمات مع الطالبات في الفسحة لتوجيههم لكتابة أهم النقاط التي عليها أن تنتبه لها في الحياة الزوجية.
– أخيراً تدشين المشروع اليوم بتتويج ١٣ عروسة من طالبات المدرسة ، و إقامة حفل مميز لن ينسى بحضور أمهاتهن و زميلاتهن ، و جميع ما تم في الافتتاح ما هو إلا تفسيراً لإجراءات العمل في المشروع.
من خلال هذا المشروع ( داخل المدرسة فقط ) :
– تم تسجيل ١٥٠ طالبة في موقع “سواعد” ، و تجاوزت ساعات العمل لهن ٤٠٠٠ ساعة تطوعية ، حيث أصبحت الطالبة من خلال هذا المشروع لا تحتاج لأن تخرج خارج المدرسة ، فيمكنها أن تغطي ساعات العمل التطوعية المطلوبة منها داخل المدرسة ، حيث أن كل معلمة معها طالبات لتغطية ساعات العمل في المشروع.
– عقد مجموعة من الشراكات الهامة و المميزة بالتعاون معهم في دعم هذا المشروع من مختلف الجهات الحكومية ، كالكلية التقنية ، و المؤسسات الخاصة كمحلات الأفراح و محلات الكوش و الورود و المؤسسات الصوتية للزفات، و الجمعيات الخيرية كجمعيات تحفيظ القران .
– النظرة المستقبلية للمشروع أن يكون له داعمين من قصور الأفراح و محلات البوفيهات لدعم تلك الأسر المحتاجة .
أخيراً : من سمع ليس كمن رأى .. فما شوهد يعتبر نموذجاً مميزاً للعمل التطوعي ، و على مدارسنا استغلال الطاقات و الأفكار الإبداعية لدى بناتنا ، و التخطيط لبرامج تطوعية بدراسة الواقع و احتياجاته و مشاكله و المبادرة في إيجاد الحل .
هنا فقط … سيكون لنا بصمة في البناء .. دمتم بخير .