ذو الهمة العالية تكبله القيود الدراسية أو الوظيفية ومتطلباتها المتلاحقة، واستغراق وقته وجهده فيها طيلة العام – عن كثير مما تسمو إليه همته مما لم تتناوله دراسته ولم تحققه وظيفته، فلا يجد فرصة لتحقيق تلك الطموحات إلا في أيام الإجازات، ولا يجد حلاوة، ولا طعماً للإجازة إلا بتحقيق إنجاز تحفل به إجازته، إما في اتقان فن، أو اكتساب مهارة، أو قراءة حزمة من الكتب، أو حفظ جملة من المتون، أو تعلم لغة من اللغات، أو نحو ذلك.
وربما بالقدر الذي يحققه في تلك الإجازات من الإنجازات يكون تميزه عن أقرانه الذين تساوى معهم في التحصيل المدرسي أو الجامعي، وعلو كعبه في علم أو عدد من العلوم ، أو براعته في مهارة أو أكثر.
ولا يتأتى ذلك لمن كان خالي الذهن، لا أهداف ولا طموحات لديه، ولا لمن كان جاهلاً بما يريده أو يحتاج إليه.
وإنما يتحقق ذلك لمن عرف أهدافه وحددها، وعرف حاجته فقصدها وتحين لها الفرص، فلا تدخل عليه إجازة إلا وهو وافر الهمة، كامل الإرادة، تام الاستعداد، ماضي العزيمة، متهيء لها بجدول واضح لا مساومة عليه.
فتكون الإجازة بالنسبة له كالحبيب الغائب المنتظر، أو كالكنز الثمين الذي لا يقدر بثمن، أو كالماء البارد على الظمإ، يحقق فيها أمله، ويشبع فيها نهمه.
فلا تسأل بعد ذلك عن ما يحصده من ثمار، ويجده من آثار تصاحبه فيما يستقبل من أمور حياته!
وصلى الله وسلم على أعلى الناس همة، وأمضاهم عزيمة، وأهداهم سبيلاً، وأقومهم قيلاً محمد بن عبد الله وعلى آله وصحبه أجمعين.
د. محمد بن أحمد الأنصاري
مقالات سابقة للكاتب