قال تعالى : { وَإِن تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا ۗ إِنَّ اللَّهَ لَغَفُورٌ رَّحِيمٌ }
ذكر ابن كثير في تفسيره لهذه الآية :
( ثم نبههم على كثرة نعمه عليهم وإحسانه إليهم ، فقال : ( وإن تعدوا نعمة الله لا تحصوها إن الله لغفور رحيم ) أي : يتجاوز عنكم ، ولو طالبكم بشكر جميع نعمه لعجزتم عن القيام بذلك ، ولو أمركم به لضعفتم وتركتم ، ولو عذبكم لعذبكم وهو غير ظالم لكم ، ولكنه غفور رحيم ، يغفر الكثير ، ويجازي على اليسير .
وقال ابن جرير : يقول : ( إن الله لغفور رحيم ) لما كان منكم من تقصير في شكر بعض ذلك ، إذا تبتم وأنبتم إلى طاعته واتباع مرضاته ، ( رحيم ) بكم أن يعذبكم ، [ أي ] : بعد الإنابة والتوبة )
يالا نعم الله علينا..!
مهما عددناها إلا أننا نعجز أن نحصيها لكثرتها، وما نراه ونشعر به من هذه النعم الكثيرة إلا أننا ننعم بأضعافها، فلله الحمد وله الشكر…
سؤال وسؤال : ماحدود معرفتنا بتلك النعم ؟
وماحدود معرفتنا وإدراكنا لواجبنا تجاهها؟؟
النعم أيها الفضلاء ليست مأكل ومشرب ولباس؛ إنما هي كل ما أنعم الله به، ووجدنا به النعيم في الدنيا وما استطعنا من خلاله أن نتذوق حلاوة الأيام، النعم هي ما نشعر معه وبه بجودة الحياة، ولا يُشترط في النعم أن نعيش رفاهية زائدة.
يقولﷺ: { من أصبح منكم آمناً في سربه، معافى في جسده، عنده قوت يومه، فكأنما حيزت له الدنيا }. اللهم أدم علينا جميعاً نعمة الصحة والأمن والأمان والاستقرار.
ورُب زيادة في النعم جعلت مِن أصحابها مَن لا يتذوق نعيم تلك النعم.
النعم قد تكون في أبسط الأشياء إذا صاحبه قناعة وشكر لله.
ومن زاوية أخرى تحديدًا نعمة التعليم في هذا الوطن المبارك، يتوفر التعليم مجانًا وتتهيأ فيه الفرص الكثيرة لدراسة مختلف التخصصات التي تواكب العصر، ومن جوانب نعمة التعليم توفير المباني والكتب المجانية والمقاعد وما يتبع ذلك من وسائل التعليم وغيرها.
أيها الكرام:
هذه النعم وغيرها توجب علينا شكر الله وتذكّر فضله ومنّته في كل حين. وليس من شكر النعم أن نستهين بتلك المقدرات.
وليس من شكر النعم أن نتعامل معها بكل سرف.
إن من صور جحود النعمة ما نراه في نهاية كل عام دراسي من استخفاف بالكتب الدراسية، من تمزيق وعبث ورمي في الطرقات وساحات المدارس وغيرها، والمؤسف في ذلك أن هذه الكتب والأوراق التي ترمى تحتوي على لفظ الجلالة تعالى وتبارك.
ومن المؤسف أيضًا أن لا يتم التنبيه من كل مسؤول في المدرسة أو في المنزل؛ بل هو واجب حتى على المسؤولين في طباعة الكتب :
أن تكون عبارة تذكر الطلاب والطالبات على واجهة الكتاب … أن هذا الكتاب قد يحتوي على لفظ الجلالة؛ لذا لابد من الحرص على عدم رميه بعد الاستفادة منه. إنما يوضع في أماكن مخصصة كما هو الحال في بعض المدارس، والتي وضعت حاويات كبيرة في الساحات، مخصصة لجمع الورق والكتب.
وإلى جانب الاهتمام بالكتب؛ لوجود لفظ الجلالة، لابد من الاهتمام الأعظم بكتاب الله، فالمصاحف في كل المدارس يجب الاهتمام بها ووضعها في عربة نظيفة تستخدم وقت حاجتها ثم تعاد في مكان نظيف.
وإن ما نراه في بعض المدارس من الفوضى بعد الاختبارات من تمزيق الكتب ونشر الأوراق في الساحات والممرات لأمر مزعج يندى له الجبين! فإلى متى هذا التصرف؟ وإلى متى عدم تقدير تلك النعمة؟ وإلى متى عدم تعظيم اسم الله على صفحات الكتب.؟!
سقط من عبد الملك بن مروان -رحمه الله- فلسٌ في بئر قذرة،
فاستأجر رجلًا يخرجه له، وأعطاه ثلاثة عشر دينارًا،
فقيل له: فلس واحد تخرجه بثلاثة عشر دينارًا،
فقال: كان عليه اسم الله تعالى.
تأملوا كيف كان تعظيمهم للفظ الجلالة.
ذلك ومن يعظّم شعائر الله فإنها من تقوى القلوب.
ويعيد السؤال نفسه :
إلى متى الغفلة عن طاعة الله وعن شكره على نعمه؟؟
أ.فاطمة بنت إبراهيم السلمان
مقالات سابقة للكاتب