وانطوت صفحات عام كامل بفصوله الثلاثة، عام عشنا لحظاته وأيامه ونحن ننعم بكثير من نعم الله،
يا ترى من منا يدرك أن مرور عام كامل يعني مرور أعمال له ويحاسب نفسه بين الحين والآخر؟
وهل لكل منا مشروع يتابع نموه ليزدهر في عامه القادم؟
أسئلة كثيرة وليس هذا فحسب، إنما في مشوار عامنا هذا مرت بنا المواقف، ومر بنا أناس وأناس، فالمواقف مختلفة وكذلك أصحابها…
النفس الإيجابية لا تتذكر المواقف السيئة، وكذلك لا تنساها…
بمعنى:
لا تتذكرها كل حين؛ حتى لا تفسد أوقاتها وتعكر صفو معيشتها وأنسها.
ولا تنسها أي لا تمحها من الذاكرة؛ لتستفيد من التجربة في تخطي عقبات قد تتكرر.
صويحبات عامي هذا والذي لم يتبق منه سوى القليل زميلاتي في (غرفة المعلمات):
عشت معكن هذه الفصول الثلاثة ويعلم الله لم أكن إلا زميلة وصديقة أشعر وكأني أعرفكن منذ زمن طويل، كانت السعادة تغمرني وأنا بينكن رغم كثرة المشاغل والتكليفات التي توكل إلي وإليكن ونحن أعرف بها، ومع ذلك بدأ الفصل الأول ولم أشعر بتلك الغربة التي يتحدثن عنها المعلمات المنتدبات، بل على العكس مباشرة، اندمجت معكن ولم أجد تفسيرا لذلك سوى حديث نبينا وحبيبنا محمد عليه الصلاة والسلام:
(الأرواح جنود مجندة، فما تعارف منها ائتلف، وما تناكر منها اختلف)
وقد قالت فضيلة الشيخ عبد العزيز بن باز- رحمه الله- في شرح هذا الحديث:
(وفي هذا الحديث الدلالة على مثلما قال ﷺ: الأرواح جنود مجندة أصناف مصنفة، أقسام: هذا مؤمن، وهذا منافق، وهذا مخلوط، قلبه مشوش، وهذا يغلب عليه كذا، وهذا يغلب عليه كذا، فما تعارف منها ائتلف، وما تناكر منها اختلف، فما تعارف منها على شيء اتفقا عليه، ائتلفا عليه، فمن تعارف على الإيمان والهدى والمحبة في الله تآلفت القلوب، ولو تباعدت الأقطار، وما تناكر منها اختلف بحسب عقائدها، وما تنطوي عليه من الأسرار والمقاصد، فالمحبة في الله والعمل الصالح يجمع الأرواح وإن تباعدت، والكفر والمعاصي والبدع والأهواء تجمعا وإن تباعدت، نسأل الله السلامة.)
غالياتي:
إن مربط الفرس من هذا الحديث هو المحبة في الله والعمل الصالح، ويعلم الله ما رأيتكن إلا محبات للخير داعيات له، أرواحكن نقية صافية كالماء العذب، لم أشعر بينكن بفرقة تؤذيني ولا كلمة نابية تسيء لي، أتيتكن- كما تقول إحداكن- كالفراشة وتركتني أعمال المنهج والطالبات كما يعيرك غيري ومازلنا في ذلك الصراع حتى نهاية المطاف والحمد لله.
يقول الله عز وجل:
﴿لقدۡ خلقۡناء ٱلۡإنسٰن فی كبد﴾
[البلد ٤]
هذا هو حال الدنيا والعبرة بالخواتيم.
عزيزاتي:
ما زالت الفراشة تحلق وما زالت تتذكر عبق الزهر الذي كنتن مداد له، فجزاكن الله عني خير الجزاء.
أيتها الحبيبات:
كم هي رائعة تلك المواقف التي جمعتنا رغم قصر وقتها:
ويوم القهوة السعودي كان يوما مميزا مع (شريفة) وكانت من أسعد اللحظات عندي مشاركتها، لنسعد معا برائحة القهوة ومذاقها المميز بوجود أخت مميزة (شريفة) شرفك الله بالسعد في الدنيا والآخرة.
الثنائي (نوفي) سعيدة بمعرفة أمثالكن ولم أكن يوما إلا من يتعلم منكن كل جميل.
فبين حائل والنماص جمال مختلف.
والثنائي (هدى) إحداكن رفيقتي في الحضور المبكر معها يبدأ صباحي في المدرسة برفقة (الخالة أم مشاري) قلب أم وسعادة تنشر الحب في غرفتنا ولا ينكر الجميع أنه يفتقدها عند غيابها.
أما هدى الأخرى فهي براءة وطيبة تمشي على الأرض، وكمْ كنت سعيدة وأنا أصغي لحديثها الباسم.
أما (منيرة) فحبيبة حملت اسم حبيبة، ولا غرو فيمن تحمل اسم أمي أن تكون كذلك.
كنت تنيرين لنا الغرفة بقفشات من الأنس لا يعرفها سوانا فلله درك يا (منيرة)
أما ابنة (السلمان فندي) يقطر على ضفاف كل إبداع، عرفتك متفانية صريحة محبة للجميع وسرعان ما يفتقدك الجميع ونتفاجأ بأنك تعملين من أجل الجميع.
سعدت بلقياك (ندى)
أما الحنان الذي غمرني بصمت وقدم لي الكثير وقت حاجتي، ولا أنسى وقفاته معي، فهي أنت (يلحنان) فهنيئا لي بإخوتك.
وحين أنظر كل صباح في جدول الحصص، تظهر لي (نوال القلب) رفيقة بقلب أم ترغم من أمامها بالمصارحة وهي أهل للثقة، وكمْ كان لها مع الجدول وإدارة حصصي صولات وجولات أدركها وأقدرها لها، شكرا نوال القلب.
(فوزية)
القلب الحنون كنت معنا رغم بعد المسافة تصلنا مشاعرك ومشاركاتك الوجدانية والمادية فلله كرم اليد والمشاعر، حفظك الله.
وفي نهاية المطاف أسمع وأرى تغريدا ينشر الفأل في جنبات الغرفة بل المدرسة كلها… إنها (تغريد)
إضافة جميلة لعالمي ولا أنسى مواقفك الجميلة معي رغم قصر المدة التي قدمت لنا فيها.
أما رفيقة الندب والتكليف فهي أنت صلوحة القلب (وكما تقول الزميلات بأنني أول يوم قلت عنك (معي في الندب صالحة وهي اسم على مسمى)
كان بيني وبينك قواسم مشتركة غير الندب، وكنا فيها نتشاور ونخطط ونستفيد من تجارب بعضنا البعض، فاللهم لك الحمد على هذه الأخوة.
هنا ينتهي المقال ولا تتوقف مشاعر الحب، والوفاء والدعاء، لكن في ظهر الغيب.
اذكرونا مثل ذكرانا لكم
رب ذكرى قربت من نزح
أ. فاطمة بنت إبراهيم السلمان
مقالات سابقة للكاتب