غاية الوجود .. وجود الغاية

تتجلى عظمة كتاب الله بعظيم وعمق دلالات ألفاظه .. وإعجاز آياته ومعانيه ‏.. حيث يوقظ فينا نداءات الفطرة .. ويطرح أمامنا اسئلة الوجود .. ويطالبنا بأن نستخدم النِعم لما خلقت من أجله.

‏* أكرمنا ربنا بالعقول .. لنفكر بحق
‏* منحنا ربنا القلوب .. لنهتدي للحق
‏* انعم علينا بالآذان لنستمع للحق
‏* وبالأعين لنبصر الحق
‏* وبالألسن لنتكلم بالحق

‏وهكذا كل ما فينا له وظيفته التي يؤديها وفق ما جُبلت عليه !!

وحينما تنحرف أو تنجرف هذه الآلات عن طبيعة الوظيفة التي خلقت من ‏أجلها .. تكون وكأنها لم توجد !! ( لهم قلوب لا يعقلون بها ولهم آذان لا يسمعون بها .. ).

‏بل إن عقوبة هذا المسخ يمتد ليس فقط في تعطيل الوظائف الفطرية لها .. بل ‏في انغماسها في مستنقعات الفتن ‏لأنها خالفت ما صُنِعت من أجله !!.

‏وهكذا أدوات ومحركات الحياة .. ربما ‏تتعطل أو تتأخر .. او حتى تتفجر حينما تخرج عن المسار الذي صممت لأجله !!
‏رؤيتنا للحياة بكل ما فيها من معان ‏وجمال وآثار .. تعتمد على قربها من ‏تأدية وظائفها المخلوقة من أجلها.

‏تتيه الرؤية .. او تتعثر .. او تتبعثر .. ‏او تتغبر .. أو تتضح أو .. تتغير .. بمقدار ‏ما في بؤرتها من صفاء ونقاء وتقوى وهداية !!

‏تأمل هذه الآيات الفارقة في الحياة !! ‏يا لعظمة المعنى والمبنى والدلالة ‏والصوت والنبرة والخشوع ..!!

‏آيات تربط الضياع بالانصياع لصروف ‏الحياة التي تحتفي بالإغواء والإغراء.

‏ثم ترسم مسار النجاح في الدنيا ‏بديمومة الذكر الذي يعني أن طاقتك في معاشك وقضاء حوائجك يحتاج ‏لتغذيته (بالذكر) .. وذلك لا يعني التلفظ بالحمد والتسبيح والتهليل فقط .. وإنما بالشكر العملي بكل جوارحك على كل شيء .. ونتيجة هذا كله هي الفلاح الذي هو غاية الإيمان للإنسان في دخوله الجنان والفوز برضى الرحمن .. وتلك هي غاية كل الغايات .. فإذا كان لأعضائك وظائفها الفطرية .. فإن غايتها كلها أن تكون أنت بكل حواسك لله من الشاكرين لتحقق مقصد وجودك في بفوزك بعبادة رب العالمين .. وتلك هي رسالة الحياة للناس أجمعين !!

استمع واستمتع بكمية المعاني الهائلة ‏التي تأخذك إلى حيث ( اللامحدود) ‏من زخم الدلالات في مخزون هذه الآيات.

قوله تعالى:{ وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَىٰ قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَىٰ وَقَدْ كُنتُ بَصِيرًا قَالَ كَذَٰلِكَ أَتَتْكَ آيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا ۖ وَكَذَٰلِكَ الْيَوْمَ تُنسَىٰ}.

أ.د خالد الشريدة

مقالات سابقة للكاتب

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *