في التطوّع معانٍ جميلة وأهداف سامية وقيم أصيلة، تبني سلوك الإنسان في سبيل تقديم أعمال يحتاجها المجتمع ويتقنها؛ لكي يُسهِم في تطوير المجتمع في الجوانب التي يتقنها الإنسان دون مقابل، وهدفه أيضًا المشاركة المجتمعيّة والخدمة وتعزيز الثقة بالنفس وزيادة الخبرات لدى المتطوِّع، واستثمار أوقات فراغه في أعمال اجتماعية تحقِّق له الإشباع المعنويّ، والحصول على الأجر من الله سبحانه وتعالى، وتحقيق التفاعل مع المجتمع في مختلف الجوانب التي يحتاجها. فهذا يعزِّز التّضحيات في سبيل بناء المجتمع وتحقيق القيم الوطنية وتأصيلها من خلال التطوع.
كما يخفِّف التطوّع العبء عن الجهود الحكوميّة، حيث يوفِّر ذلك من خلال مساهمة الأفراد بقدراتهم وإمكاناتهم دون أن يكون هناك مقابل لذلك، كذلك يحقِّق للمجتمع التعاون البنّاء بين أفراده وتعزيز أواصر التعاون بينهم، حيث يدرك كلّ شخصٍ أنّه شريكٌ في تحقيق أهداف المجتمع.
فالتطوّع مهارة حثَّ عليها ديننا الحنيف، حيث إنَّ الشواهد كثيرة من القرآن الكريم والسنة المطهَّرة؛ لِما في ذلك من فوائد جمّة ومكاسب عظيمة تنعكس على الفرد والمجتمع؛ مثل: تحمُّل المسؤولية والمشاركة المجتمعيّة دون مقابل، وهذا يعزِّز مفاهيم البذل والتضحيات واحترام الآخرين وبذل الجهد في سبيل خدمتهم بكل ما أوتوا من معرفة ومهارة، وكذلك المساهمة في حلِّ المشكلات والتعاون مع الآخرين من خلال فِرَق العمل والعمل الجماعي، الذي يبني وحدة العمل والتّشارك في الإنجاز للجميع، وأيضًا يبني لدى الفرد المهارات القياديّة ويعزِّزها، وكذلك إدارة الفريق، ويكتسب مهارات من الصعب اكتسابها في الحياة العامة؛ لأنَّ التطوّع عمل موجَّه وحافز خيري ودافع إيماني، وهذه من أكبر المكاسب التي تدعو الإنسان للتطوّع.
يجب أن يكون لمؤسسات المجتمع؛ مثل: المدارس والجامعات والقطاع غير الربحي، برامج موجّهة لهذه الفئة تحثّهم على المشاركة المجتمعيّة، وما تمثله رؤية الوطن ٢٠٣٠ من مضامين تربويّة ومفاهيم تطوعيّة وبرامج لحثّ الجميع على المشاركة فيها، ومنها: إطلاق المنصة الوطنيّة للعمل التطوّعي، التي وفَّرت فرصًا تطوعيّة في 30 مجالًا متنوِّعًا، وكذلك تحقيق مليون متطوّع مع نهاية2030؛ فهذه المنصّة فتحت مجالات عديدة وخيارات جميلة للأفراد والمؤسسات ورجال الأعمال، للمساهمة في خدمة المجتمع بما يناسب حتى تتكامل الجهود وتتضافر في سبيل تحقيق التنمية المستدامة التي تحقّقها رؤية الوطن ٢٠٣٠؛ مجتمع حيوي واقتصاد مزدهر ووطن طموح.
إنَّ التطوع له معانٍ سامية تبني لدى الأفراد مهارات وقِيَمًا يمكن تنميتها من خلاله، فعلى الجهات المسؤولة بناء برامج يلتحق فيها أبناء الوطن لخدمة المجتمع والمساهمة المجتمعية في خدمته.
مقالات سابقة للكاتب