للوقت أهمية كبرى فلقد أقسم الله تعالى به في أكثر من موضع في كتابه الكريم لعظم أهميته في حياة الإنسان.
قال تعالى : (وَالْعَصْرِ إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ ).
قال السعدي -رحمه الله – ( أقسم تعالى بالعصر، الذي هو الليل والنهار، محل أفعال العباد وأعمالهم ).
والوقت من أكبر وأثمن نعم الله عزوجل علينا فهي رأس مال العبد في هذه الحياة حيث أعطانا وقتًا وزمنًا للعمل والسعي والمسارعة إلى مافيه الخير والصلاح لنا في الدارين .
لما ثبت عن رسول الله ﷺ في قوله:( نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس: الصحة، والفراغ ).
فالوقت هو حياة الإنسان وأغلى مايملك وهو هبة ربانية وكنز ثمين وثروة مهدرة يجب إستغلالها واستثمار دقائقها وثوانيها:
دَقّاتُ قَلبِ المَرءِ قائِلَةٌ لَهُ
إِنَّ الحَياةَ دَقائِقٌ وَثَواني
◾️ خصائص الوقت :
إن للوقت عدة خصائص وسمات ومن أبرزها:
-سرعة انقضائه : فهو يمر مر السحاب ويجري جري الريح وإن ذهب لا يعود قال تعالى : ( كَأَنَّهُمْ يَوْمَ يَرَوْنَهَا لَمْ يَلْبَثُوا إِلَّا عَشِيَّةً أَوْ ضُحَاهَا ) .
فالعاقل من يحرص على استغلال الوقت في ريعان شبابه لان عمر الشباب فيه القوة والنشاط وخفة الحركة وسرعة الإنجاز ويحذر من التكاسل واضاعة الأوقات ففيها الحسرة والندامة .
ألا ليت الشباب يعود يومًا
فأخبره بما فعل المشيبُ !
-ما مضى منه لا يعود: فالوقت لا يعود ولا يعوّض فكل يوم يمضي وكل ساعة تنقضي وكل لحظة تمر ليس في الإمكان استعادتها ولا يمكن تعويضها والموفق من أدرك حقيقة ذلك واستفاد من وقته فيما يرضي الله سبحانه وتعالى.
قال الإمام الحسن البصري – رحمه الله – : “يا ابن آدم، إنما أنت أيام، إذا ذهب يوم ذهب بعضك”.
-استغلال الوقت يزيد من قيمته:
فيجب تخصيص بعض الأوقات لحفظ كتاب الله تعالى وقراءة بعض الكتب المفيدة ووضع أهم الأوليات لتحقيق نتائج أفضل في العمل وأمور الحياة .
قال الإمام ابن القيم – رحمه الله – ” الوقت منقض بذاته ، منصرم بنفسه ، فمن غفل تصرمت أوقاته ، وعظم فواته ، واشتدت حسراته ، فكيف حاله إذا علم عند تحقق الفوت مقدار ما أضاع ! ، وطلب الرجعى فحيل بينه وبين الاسترجاع ،وطلب تناول الفائت،وكيف يرد الأمس في اليوم الجديد ”.
وقال الإمام يحيى بن هيبرة – رحمه الله –
الوقتُ أنفسُ ما عنيتَ بحفظه
وأراهُ أسهلَ ما عليكَ يضيعُ
◾️ فوائد تنظيم الوقت :
🔸بذل مجهود أقل لحل المشاكل التي قد تواجهها فتنظيم الأوقات من أسباب صفاء الذهن والقدرة على التفكير .
🔸الاستقرار الاجتماعي والنفسي والعاطفي وقضاء وقت أكثر مع العائلة والاهتمام بهم .
🔸سهولة تحقيق الهدف والوصول إليه وخلق حافز يشجع على المزيد من العمل والإبداع .
🔸الشعور بالنجاح والفخر ولذة الإنجاز وتحقيق كافة النتائج بدقة.
◾️خطوات إدارة الوقت :
🔹التوكل على الله والاستعانة به لقوله تعالى (وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ).
🔹إدارة وترتيب الأوليات :
فهي تساعد على التركيز على المهامات الأكثر أهمية لإنجازها فالإنسان الناجح هو الذي يحقق النتائج المطلوبة في الوقت المتاح .
🔹تخطيط وتحديد الهدف :
فلابد أن تعرف ماهو هدفك في عملك وبيتك وأن تجعل للهدف إطار زمني .
🔹التنظيم :
وهو أن تصنع جدولًا أسبوعيًا وتضع فيه الأهداف الضرورية .
🔹التنفيذ :
نفذ ما وضعت من أهداف في أسبوعك وفي نهاية الشهر وقيم نفسك وأنظر أين جوانب الخلل والتقصير وتداركها .
ونخلص إلى أن المحافظة على “الوقت” وعدم إهداره قمة النجاح فهو ملك لك وأساس حياتك، وأغلى من المال، لذا فعليك إدارته بحكمة بالغة، وأحسن ترتيبه وتنظيمه فإن نجاحك متوقف على مدى إدراكك لأهميته فهو يساوي حياتك ، لذا ضياعه من ضياع عمرك، وسيطرتك على وقتك هي سيطرتك على مستقبلك وأحلامك، فأحسن السيطرة والتصرف في أوقاتك المهدرة لتسعد بحياة سعيدة ومُثمرة.
يا رب أرزقنا الهمة في عبادتك ما أحييتنا، واملأ أعمارنا بما يرضيك، اللهم اجعل أسعد لحظاتنا ساعة فراق الدنيا إلى لقائك والنظر إلى وجهك.
منى الشعلان
مقالات سابقة للكاتب