لقد كان لفكرة إنشاء موقعي الشخصي (شبكة رحاب مكة) الدور الكبير في دفعي إلى فتح حساب في “تويتر” من باب المشاركة الدعوية في وسائل التواصل الاجتماعي الحديثة ؛ وكانت أول تغريدة لي في تويتر بتاريخ 14 أبريل 2012م ومنذ ذلك الوقت وأنا أتواصل عبر هذا الموقع بين الفينة والأخرى مع بعض النخب من أفراد المجتمع للاستفادة من خبراتهم العلمية وتجاربهم العملية ، والحياة ميدان رحب لصقل التجارب ونقلها للآخرين ؛ وهذه تجربة متواضعة عشتها من خلال مسيرتي القصيرة مع “تويتر” والذي أصبح رافداً من روافد المعرفة في هذا العصر، لمن يرغب في أن يبوح بالتغريد بما لديه من الخواطر وتدوينها في قالب مختصر لا يتجاوز 140 حرفا ؛ مما قد أتاح لي شخصيا فرصة التدريب عن قرب على صياغة الفوائد وصناعة الفرائد الذهنية بطريقة مختصرة وبأسلوب مختزل بليغ.
وإن أبرز ما استفدته في هذه “التجربة التويترية” قراءة الواقع من حولي واستلهام ما يدور أمامي من مواقف وأحداث في عبارات مختصرة وفي مواضيع مختلفة.
والاطلاع على العديد من كتب الثقافة والأدب لأستلهم منها بعض الأفكار لتغريداتي وأصوغها بأسلوب مبسط وواضح للتعبير عنها بأقل قدر ممكن من الكلمات محتسباً في ذلك الأجر والثواب من الواحد الوهاب كما قال الإمام المنذري رحمه الله تعالى: (وناسخ العلم النافع له أجره وأجر من قرأه أو كتبه أو عمل به ..ما بقي خطه).
ومما يذكر في حسن التغريد وأدبياته ما قاله الشاعر أيمن عبدالعظيم:
غرد فإن البيان العذب ماضيكا
ومـن يتابعك قـد أمسى يناديكا
غرد بقول من الأشعار أو حكم
من وحي أخلاقنا والدين تأتيكا
لا تلتفت للذي قد ساء في أدب
ومـن ترى قوله كالشر يؤذيكا
وصغ من الدر قولا حين أسمعه
أقول هذا هدى الرحمن يعطيكا
وقد أصبح “تويتر” من أبرز وسائل التواصل الاجتماعي وأكثرها سرعة وانتشارا ؛ يتعرف فيه المغردون على بعضهم البعض دون أي مناسبات مسبقة من خلال تغريدهم ونثر فوائدهم فالأرواح جنود مجندة ما تعارف منها ائتلف وما تناكر منها اختلف ؛ وبالمقابل توجد بعض التغريدات المغرضة والحاقدة والناقلة للشائعات والطيور على أشكالها تقع :
أقول قولي ولا أبغي معاتبة
فكل طير لمن يهواه يقترب
ومما استفدته كذلك من “تجربتي التويترية” أثناء التغريد إدراك الفوارق الفردية لدى الآخرين وتفاوت عقولهم ومداركهم ؛ وكشف سطحية بعض المغردين وتدني فهمهم وثقافتهم ؛ وأن لا أجعل تغريداتي حمالة وجوه بل واضحة المعاني والمعالم ليسهل على القاريء فهمها والاستفادة منها.
وإن من فوائد “تويتر” الوقوف على الجديد من عناوين الكتب والبحوث العلمية والمعرفية ومعرفة مظانها وأماكن شرائها.
وقد أتاحت لي هذه التجربة أيضاً اختيار من أتابع من المغردين ولا سيما الذين يضيفون لي الجديد كل يوم من العلوم والمعارف ؛ وأحياناً أجد من بعض الخواطر التويترية فرصة سانحة لكتابة العديد من المقالات المتنوعة وذلك لعدم اتساع التغريد لبسط بعضها.
وعليه فإن “تويتر” يعد في الحقيقة من أهم وسائل الإعلام والبيان والأدب في هذا العصر الحديث.
خالد بن محمد الأنصاري
مقالات سابقة للكاتب