حينما تسمع نحيب البكاء و لا ترى سيل الدموع ؛ فاعلم أنك تقف أمام رجل مقهور و قلب مفطور .. و لكن هلا توقفنا قليلاً لنبحث عن مصدر الصوت الشديد لننعش القلب المفطور بما تعلمنا من خطوات الإنعاش القلبي ..
لن تجد هذا المصدر قبل أن تقلب صفحات التاريخ و ليس أي تاريخ ، إنما التاريخ الإسلامي و الحضارة الإسلامية لنتعرف على خدمة الرجال لكل معلم تاريخي و ديني ، و يأتي في مقدمة هذه المعالم أول بيت وضع للناس و من لا يزوره إلا من يحمل في جوازه ديانة الإسلام .. إنها الكعبة المشرفة و منطقة توسعة المسجد الحرام ؛ فتسطر أقلامنا حروفاً مذهبة في كل من سعى لخدمة زواره..
و لتأخذنا الرحلة التاريخية إلى خليص و بالتحديد إلى طريق الهجرة [ جادة الأنبياء ] ، لتبدأ معاناة العبث بتاريخ المحافظة عندما يُغير الاسم من الهجرة إلى طريق الملك عبدالعزيز ، و في الوقت الذي كررنا به الدعوة إلى هيئة السياحة و الآثار بوجوب المحافظة على آثار المنطقة ، نقف حزناً و ألماً على صمت الجميع أمام مرحلة جديدة من مراحل العبث بالمحافظة و سلبها كرامتها ، و لا ندري هل يجهل المسؤولون ببعض الدوائر الحكومية و أخص هنا منسوبي المحافظة و البلدية و الكهرباء “المعنيين بالحدث الجديد و الإهانة الأحدث لتاريخ المحافظة” مكانة الأثر التاريخي و الديني في قلوبنا ؟! ،، أم هم يسيرون على قاعدة المثل القديم [ من لا يعرف الصقر يشويه ] .. و هنا في خليص من لا يعرف قيمة الحجر يخفيه .
فبالأمس تغنت الحناجر به مَعلماً تاريخياً ، كما ورد في السيرة أن الرسول صلى الله عليه و سلم حينما كان يسير في طريق مكة وقف و أشار إليه ؛ و قال : “سبق المفردون ” و هم الذاكرون الله كثيراً و الذاكرات ..
أليس هو المعلم الذي حفظه الله في الدنيا لنراه غداً في الجنة .. ألا إنه [ جبل جُمْدَانُ ] شاهد من شواهد الدارين إلى قيام الساعة ، و لكن ما يحدث هذه الأيام من صور العبث بهذا المَعلم شاهد على فقد هذه المحافظة لرجال التغيير و التطوير ، و شاهد كذلك على حياة الجهلة من العابثين بصفحة مذهبة من تاريخ هذه المحافظة ..
[ لمثل هذا يذوب القلب من كمد …كان في القلب إسلام و إيمان ] ..
ستستقر أعمدة الكهرباء مكان الجبل لنشهد جميعاً لحظات توديع هذا المعلم بصمت الجُبناء و خُذلان الأمناء ..
خليص جوهرة مصونة في عين ولاة الأمر و ما تعيشه من اضطهاد يأتي لجهل المسؤول و تجاهله ؛ و بين صمت أهلها و تخاذلهم لها فالأيام القادمة سترى الكثير من كوارث الجهلاء ، و لكنني أرفع شكواي إلى الله في كل مسؤول نزع من المحافظة كرامتها و لم يحفظ لآثارها و ماضيها تاريخها ..
ربما نفقد خلال الأيام القادمة رؤية [ جبل جُمْدَانُ ] ، و لكنني أثق بإذن الله أنني سأراه في الجنة فإلى جنة الخلد يا [ جُمْدَانُ ] و كفى .
عبدالرحيم نافع الصبحي
مقالات سابقة للكاتب