عندما يتكرم عليك خالقك ويعطيك من المال ما يجعلك به من الموسرين ويحعل يديك من الايدي العالية التي تعطي لا تأخذ ويوفقك الله ان يكون لك شركاء من الفقراء والمعوزين في هذا المال فاعلم انك من السعداء وأن الله قد جعلك من الموفقين الذين يحبهم الله واراد لك الخير في عاجل دنياك وآجل أخراك، وحين تبذل من مالك الذي هو مال الله الذي تكرم به عليك ليرى أثر عطائه عليك فحين تبذل ذلك بنفس سخية وبرضا تام بل بسعادة وراحة نفس وإنت فرح مسرور بأن وفقك ربك لهذا العمل النبيل فاعلم أنك من الموفقين الذين جعلهم الله خلفائه على خلقه نعم هكذا كان الشيخ عبدالله بن عبدالرحمن العقيل رحمه الله تعالى ونحن حين نقول ذلك فلأن البشر شهداء الله على خلقه ولقد عرفناه عن قرب ولمسنا اياديه البيضاء ولقد حدثني كثيراً الاستاذ سعيد حمدان المولد أحد موظفي جمعية البر الخيرية بمحافظة خليص فرع مكتب البرزة ، ان هذا الرجل كان يجلس مع الفقراء والأيتام في بيوتهم البسيطة بل المتهالكة وتدمع عيناه من تلك المناظر المؤلمة للنفس الكريمة كنفس الشيخ العقيل ومن ثم وفي نفس الوقت يأمر من يصلح شؤون تلك الأسر من ترميم لبيوتهم وفرشها بالاثاث الجديد الذي يدخل السرور الى قلوب تلك الأسر فتلهج السنتهم بالدعاء له وكم من البيوت والأسر التي شهدت من ذلك الرجل ما اثلج صدورها عوضا عن السلال الغذائية التي كانت تصل من طرفه للمحتاجين وبصورة دائمة ومنتظمة، ونحن اذ ننقل هذه الأخبار عن ذلك الرجل الكريم فلسنا نبالغ بل لم نعطيه حقه أو بعض حقه وهذا لأن الله سبحانه وتعالى اراد له الحظ في الاخرة بإذنه تعالى فالله هو أكرم الأكرمين وهذه هي غاية كل حي ونحسب الرجل على خير والله حسيبه انما نحن ننقل ما رأيناه وما لمسناه منه ومن اراد ان يستوضح الأمر فعليه أن يسأل جمعيات البر في معظم هذه البلاد المباركة وجمعية خليص بالذات وكذلك جمعية مشارق في نفس المحافظة وجمعيات الجنوب كم وكم سمعنا عن هذا الرجل ومهما عددنا ما بذل في ذلك فسنظل لا نبرح مكاننا في هذا الشأن والله أعلم به وحسب هذا الرجل حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي يقول فيه( لأن يمشي أحدكم في حاجة أخيه خير له من أن يعتكف في مسجدي هذا) وايضا قوله صلى الله عليه( مَن ستَر أخاه المسلمَ ستَره اللهُ في الدُّنيا والآخرةِ ومَن فرَّج عن مسلمٍ كُربةً فرَّج اللهُ عنه كُربةً مِن كُرَبِ يومِ القيامةِ واللهُ في عونِ العبدِ ما كان العبدُ في عونِ أخيه.
الراوي) : أبو هريرة
وحين نرى في هذه الأيام بعد وصول نعي هذا الرجل ضجيج قنوات التواصل بخبر وفاته نعلم ان الرجل ذا مكانة بين الناس وهذا من توفيق الله للعبد وان ما كان لديه لم يكن له وحده بل جعل الناس شركاء له في ماله فهنيئا له هذه الشهادة من الناس واسأل الله ان يجعل ذلك ذخرا له في قبره وان يكون سببا في دخوله جنة الخلد التي جعلها الله لعباده الكرماء والذين يحاولون جهدهم ادخال السرور لقلوب الناس عامة والفقراء المحتاجين بصورة خاصة ولقد اجاد الامام الشافعي رحمه الله تعالى حين قال في هذا الشأن :-
الناس للناس مادام الوفاء بهم
والعسر واليسر أوقات وساعات
********
وأكرم الناس ما بين الورى رجل
تقضى على يده للناس حاجات
********
لا تقطعن يد المعروف عن أحد
ما دمت تقدر والأيام تارات
********
واذكر فضيلة صنع الله إذ جُعِلتْ
إليك لا لك عند الناس حاجات
********
قد مات قوم وما ماتت فضائلهم
وعاش قوم وهم في الناس أموات
نعم (قد مات قوم وما ماتت فضائلهم) … ونحن نحسب هذا الرجل منهم ونحتسب ما قدم وما بذل من معروف سيراه امامه وينفعه به في آخرته والحزن للفراق فقط ولن تموت فضائله وسيستمر عطائه بعد رحيله وهذا من توفيق لله للعبد ان لا تنقطع عطاياه برحيله رحم الله الشيخ عبدالله العقيل ورفع درجاته في أعلى عليين اللهم اغفر له وارحمه وعافه واعف عنه وأكرم نزله ووسع مدخله وانزل على قبره الضياء والنور والفسحة والسرور وجازه بالإحسان إحسان و انزل على قبره شآبيب الرحمة وسحائب الغفران واسأل الله أن ينور قبره وينزله منازل الشهداء ويرزقه الفردوس الأعلى من الجنة ويجبر ويربط على قلوب ذويه ويلهمهم ومن كان يعول الصبر والسلوان…
ولا نقول الى ما يرضي ربنا.
(انا لله وانا اليه راجعون)
إبراهيم يحيى أبو ليلى
مقالات سابقة للكاتب