لقد أتاح لي إكمال تعليمي الدراسي فرصةٌ لإختيار “صديقات العمر” ولم تكن هذه الفرصة بتلك السهولة لكونها لم تلح لي منذ البداية بل أخذت مني وقتاً في البحث بين أروقة “المدرسة” لأقوم بإنتقاء من يكن من أقراني لأعقد معهم صداقة أخوية حتى جاء ذلك اليوم الذي كنت أبحث في فناء “المدرسة” عن بعض الطالبات اللواتي يمكن الإعتماد عليهن في أخذ الواجبات والتحديدات الدراسية ويكن في نفس الوقت على خلق واستقامة وقريبات مني في السن فوجدت مجموعة من “طالبات المنازل” مجتمعين في زاوية بالمدرسة ومنعزلين عن بقية الطالبات فجئت وتعرفت عليهن ولسان الحال يقول لهن: أين أنتن من زمان.
وعندها غمرتني الفرحة بمعرفتهن وأخوتهن الصادقة إنهن الصديقات الوفيات (مشاعل وريم) وبدأت تقوى العلاقة بهن يوماً بعد يوم لأن الصداقة من مقتضيات الحياة وضروريات المسلم ولكونها مبنية على الصدق والمحبة.
وقد حث ديننا الحنيف على مصادقة الأخيار والبعد عن الأشرار فقد ثبت في الحديث الصحيح أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (المرء على دين خليله فلينظر أحدكم من يخالل).
والصداقة إذا لم تكن على الطاعة فإنها تنقلب يوم القيامة إلى عداوة ، قال الله تعالى: ﴿ الْأَخِلَّاءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلَّا الْمُتَّقِينَ ﴾ .
قال الإمام ابن كثير رحمه الله في “تفسير القرآن العظيم” (١٤٣/٤) : “إن كل صداقة وصحابة لغير الله، فإنها تنقلب يوم القيامة عداوة إلا ما كان لله عز وجل، فإنه دائم بدوامه”.
عن المرء لا تسأل وسل عن قرينه
فكل قرين بالمقارن يقتدي
ومما يجب التنبيه عليه في علاقتي “مع صديقاتي” أنها بنيت على الصدق وعدم التكلف والبساطه مما جعلنا نكافيء أنفسنا بعد عناء المذاكرة بالخروج لإحدى الكافيهات لتناول وجبة الافطار والقهوة وأحيانا نخرج على شاطيء البحر أو في إحدى الحدائق والمنتزهات لنلتقي ونتبادل أطراف الأحاديث وننفس عن أنفسنا بعد الإمتحانات.
وأصبحنا نحن الثلاثة أكثر من الأخوات نسأل عن بعضنا ونتفقد أحوالنا ونعيش همومنا حتى صرنا كالجسد الواحد إذا أشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى.
منى الشعلان
مقالات سابقة للكاتب