عندما تكون العافية عقاباً

من أعجب ماسمعت ، ما حدثني به أحد الأصدقاء أن سيدة اتصلت ببرنامج الإفتاء بالإذاعة ، و ذكرت للشيخ أنها لم تمرض منذ سنوات عديدة ، و على الفور سألها الشيخ عن جرم فعلته فقالت نعم ذهبت أنا و زوجي في سنة من السنوات لأداء مناسك الحج ، و كانت معنا والدة زوجي فسول لي الشيطان في زحمة الجمرات أن أدفعها لتقع أرضاً فتدهس تحت أقدام الحجاج و لا يعلم أحد بذلك ، و فعلاً وضعت قدمي بين قدميها فتعثرت و وقعت و ماتت بالفعل تحت أقدام الناس ( و لم يعلم أحد بذلك إلا الله ) ، و منذ ذلك اليوم لم أصب بأي مرض و لم تصبني حتى الوعكة.

فقال لها الشيخ : استغفري الله و توبي إليه توبة نصوحاً لعل الله أن يتجاوز عنك ، فهذه العافية التي أنت فيها بسبب ذلك الذنب العظيم .. انتهى ..

فسبحان الله إن لله أموراً تحير عقل الحليم فالإنسان دائماً ما يطلب العافية من الله ، و لكن إذا طالت بالإنسان العافية و رأى انه لم يوعك و لو وعكة خفيفة فعليه أن يراجع نفسه ، فإن المؤمن مبتلى في ماله و ولده و جسده لأنه كما قال رسولنا الكريم ( إن الله إذا أحب قوماً ابتلاهم فمن رضي فله الرضى و من سخط فعليه السخط ) .. نسال الله أن لا يسخط علينا و أن يجعلنا من الراضين بقضائه و قدره فذلك من صفات المؤمنين بل أنه ركن من أركان الإيمان ( الإيمان بالقضاء و القدر خيره و شره )  و على المؤمن أن يسلم بهذا ..

و يقال إن فرعون الطاغية مكث أربعين عاماً لم يصب بمرض فهل كان عزيزاً على الله؟! .. أبداً بل كان ذلك استدراجاً من الله سبحانه له حتى يطغى و يتكبر ؛ حيث قال في عنجهية و غطرسة ( أليس لي ملك مصر و هذه الأنهار تجري من تحتي أفلا تبصرون ) و عندما أراد الله عقابه أخذه أخذ عزيز مقتدر ..

و كثير من الجبابرة والأقوام الذين قص الله سبحانه و تعالى قصصهم لنا في كتابه ، قد أبطرتهم النعمة و العافية حتى قالوا “من أشد منا قوة” ، فرد الله عليهم منبهاً لهم ( أولم يروا أن الله الذي خلقهم هو أشد منهم قوة )…. و بعد تكبرهم و غرورهم أتاهم الله من حيث لا يشعرون.

إن أكثر من يبتلى في هذه الدنيا هم الأنبياء ثم الأمثل فالأمثل لمكانتهم عند الله ، و حين سُئل الرسول الكريم صلى الله عليه و سلم “هل يوعك كما يوعك بقية الناس؟” ، فأخبر صلى الله عليه و سلم بأنه يوعك كوعكة الرجلين و هو من هو في مكانته عند ربه ..

و نحن في هذه الدار معرضون للبلاء و الاختبار ، ليعلم الله صدق يقيننا و صبرنا على الصعاب ، فإنها دنيا جُبلت على التعب و النصب و التمحيص و لقد قال الله سبحانه و تعالى مخبراً عن حال بعض الناس ( و من الناس من يعبد الله على حرف فإن أصابه خير اطمأن به و إن اصابته فتنة انقلب على وجهه خسر الدنيا و الآخرة ذلك هو الخسران المبين ) .

إذن علينا أن نطلب من الله العافية و إذا أصابنا عارض من مرض فعلى الإنسان أن يتحلى بالصبر و يسلم الأمر بيد من لا يغفل و لا ينام سبحانه و هو القيوم على كل شيء .

و ليعلم من يرقدون على الأسرة البيضاء أن الله أرحم بهم من أنفسهم و هو أعلم بآلامهم و أوجاعهم و بما  ينفعهم و يصلح شأنهم في عاقبة أمورهم فإن الله حليم رحيم بعباده ، و الآخرة خير و أبقى .

و كما قيل ( لو علم الإنسان ما في الغيب لاختار الواقع ) و لكن الإنسان خلق هلوعاً جزوعاً قليل الصبر على البلاء ..  فالبلاء هو طريق الأنبياء و الصالحين المخلصين من عباد الله ، فعلى المرء الصبر و الإحتساب و لا يمنع أن يطلب الإنسان العفو و العافية من الله فقد أمرنا الإسلام بذلك و الصبر أولى و أحسن إذا أُصيب الانسان بمرض أو نقص في الأموال و الأنفس و الثمرات فإنه تنبيه من الله سبحانه لعباده لكي يعودوا إلى الجادة ، و ذلك رحمة بهم و حدب عليهم و هو الغني عنهم و هم إليه فقراء ..

فاللهم أرزقنا شكر نعمك و آلائك فإننا ضعفاء فارحم ضعفنا و تولى أمرنا و أحسن خلاصنا و لا تعاملنا بما نحن أهله و عاملنا بما أنت أهله فإنك أنت أهل التقوى و أهل المغفرة و ارزقنا الصبر على البلاء و عيش السعداء و موت الشهداء و النصر على الأعداء و اشف اللهم مرضانا و عاف مبتلانا و ارحم موتانا و تجاوز عن خطايانا .. وصل اللهم على عبدك و نبيك محمد و على آله و صحبه و سلم.

 

“إبراهيم يحيى أبو ليلى”

مقالات سابقة للكاتب

2 تعليق على “عندما تكون العافية عقاباً

مرضيه هوساوي

الحمد الله الذي جعلها في الإنسان الرضه والسخط فامن رضيه فله الرضه من الله عز وجل ومن سخط فله السخط فاانه النعم التي أنزلها الله تعالى علي البشريه في محو الزنوب فعل الانسان أن يشكر الله تبارك الله وتعال هذ الأجر الحمد لله على الصحة والعافية 🦋

احمدمحمود سيسي

السلام ورحمة الله وبركاته
‏⭐️⭐️⭐️⭐️
اعجابا✨ـــ وتقــ💫ــديـراً
تبقى الگلمات بحقگ قليله
وتبقى حروفنا عاجزة عن صياغة
عبارات الثناء والتقدير❤️
🦋يااستاذ ابراهيم

❀❤️❀
❀❤️❀
┊┊┊┊┊💞🌟أناقہ
┊ ┊ ┊ ┊💞🌟تميز
┊ ┊ ┊💞🌟 روعہ
┊ ┊ 💞🌟ابداع
┊💞🌟تألق
💞🌟ذوقّ
اللهم إني أسألك العافية في الدنيا والآخرة ، اللهم إني أسألك العفو والعافية في ديني ودنياي وأهلي ومالي ، اللهم استر عوراتي ، وآمن روعاتي ، اللهم احفظني من بين يدي ومن خلفي ومن يميني وعن شمالي ومن فوقي ، وأعوذ بعظمتك أن أُغتال من تحتي . رواه الإمام أحمد وابو داود وابن ماجه .
وفي الأثر : إذا مرض العبد ثم عُوفي فلم يزدد خيرا ، قالت الملائكة عليهم السلام : هذا الذي داويناه فلم ينفعه الدواء !

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *