كَمْ مِنْ منظّمة سادَت ثم بادَت، وخرجت من السّوق بسبب ضعف القيادة وأثرها في الفريق!
وكَمْ مِنْ منظَّمة ظلّ فيها القائد مثقَلًا بهموم المنظمة، ولم يبادر بحلّ المشكلات وإدارة الأزمات!
إنَّ القيادة الشّغوفة مهمَّتها صناعة التميّز وإنجاز المهام المناطة بها وتحسين العمليات وتوزيع الأدوار بين العاملين وتفويضهم، وأن يتحوَّل ذلك القائد من إدارة المهام إلى إدارة الفريق في تحقيق أهدافه؛ تلك بعض الأدوار التي يمكن أن تخفِّف عن القائد ضغوط العمل والاستمتاع بتحقيق الإنجازات والاحتفال بها مع فريقه.
إنَّ الرؤية التي يضعها القائد بمشاركة فريقه، وتحويلها لواقع -وفق العديد من المبادرات التي تحقّق ذلك- قد تكون أحد العوامل التي تخفِّف الضغوط على القائد من خلال الهدف المشترك الذي يسعى إليه الجميع في تحقيقه، وألّا يكون القائد مركزيًّا يهدِر طاقات فريقه من خلال أعمالهم وعدم مشاركتهم في اتخاذ القرار. إنَّ تفويض العديد من الصلاحيات التي تساعد في إنجاز المهام المناطة بهم تحت توجيه قائد المنظمة، سيساعد في تحفيزهم وتشجيعهم على المساهمة في تميّز المنظمة من خلال جودة العمليات وإتقان المهام التي يؤدّونها.
وممّا يعزِّز من نجاحات القائد وتميّزه وإدارة فريقه، أن تكون لديه رؤية استشرافية للمستقبل للمنظمة التي يقودها ويوجّهها نحو الرؤية لتحقيق ذلك، بفريق متناغم صنع منهم وحدة واحدة، تهدف للتميّز والجودة، وهذا لا يتحقَّق إلا من خلال تكوين فِرَق العمل وتميّزها في تحقيق رؤية المنظمة وإدارة العمليات وتجاوز الصعوبات التي يواجهونها من خلال أسلوب حلّ المشكلات الذي تساهم في تطوير المنظمة بجودة خدماتها ومنتجاتها.
فالقائد الذي يشارك فريقه بخبراته وتجاربه مع الآخرين ويشْرِكهم في وضع الخطط والبرامج التي تسهم في تحسين وتطوير المنظمة، يساهم في تقليل ضغوط العمل وإدارة الأزمات من خلال بعض السِّمات التي يكون فيها القائد مستمِعًا جيِّدًا ومنصِتًا مُلهِمًا، ودود ومستمِع ومطوِّر للآخرين، يشاركهم في صناعة القرار وعدم الانفراد به، وكذلك يبني لديهم مفهوم التعلّم الذاتي والتعاون والإنصات والقيادة التشاركيّة، ويعامِل فريقه بإحسان، فلطالما استعبد الإحسان إنسانًا حتى تتكوَّن لديه الصورة الذهنيّة عن القيادة وسمّوِّها بالإنسان، وما يؤثر في العلاقات الإنسانيّة في المنظّمة.
إنَّ التميّز عنوان لكلّ منظمة شغوفة بتحقيق الإنجازات والجودة في جميع أعمالها من خلال فريق قادر على الانصهار في بوتَقةِ رؤية ورسالة المنظّمة، تزول بينهم الحواجز والفروقات التي تباعِد بينهم، وتزيد الفجوة بين القائد والعاملين، مما يزيد ضغوط العمل على القائد الذي يجب عليه أن يؤسِّس في فريقه روح العمل والتميّز والقدوة، وإشراكهم في قرارات المنظمة، حتى يكون ذلك دافعًا ومحفِّزًا للإنجاز، ويشركهم في التكامل والنجاح الكلّي للمنظمة الذي يمثِّل الجميع ولا يمثِّل القائد بعينه.
د. محمد حارب الشريف
مقالات سابقة للكاتب