إنَّها تقضي حوائجنا ونتواصل من خلالها مع الآخرين، ويسَّرت كثيرًا وأعانت على متطلّبات الحياة، كما فتحت آفاقًا أوسع، كذلك المدارك اتّسعت ووجد الإبداع طريقاً، والتعلّم أصبح ميسوراً وسَهْلًا، كلّ شيء في حياتنا يتواصل عبر الأرقام والتواصل الرّقمي.
لغة رقميّة فيها إبداع وفيها تأثير في حياة الإنسان؛ سواء إيجاباً أو سلبًا. كم إنسان أبدع فأتقن وابتكر فأجاد! ففتح آفاقاً للحضارة والإبداع ليرتقي بالمجتمع ويحقِّق متطلباته.
من أراد الإبداع فالمجال مفتوح، ومن أراد الابتكار فالمجال خَصْبٌ، ومن أراد التعلّم فالمصادر متوافرة. بيئة جميلة ومكان ملائم للمبدعين الذين يسعون لتحقيق أحلامهم من خلال التواصل الرقمي، فالبيئة ثريَّة ومكانٌ متميِّز للإبداع والابتكار.
نسعى من خلال التواصل الرقمي إلى إبراز قِيَمنا وقدراتنا وتُراثنا وهويتنا التي نُبهِر بها الآخرين، وأننا أمةٌ مبدِعة لها تاريخ وإسهامات في الحضارة الإنسانيّة التي قامت عليها حضارة اليوم.
أصبح التواصل عن طريق الأجهزة الذكيّة والمعاملات وجميع شؤون حياتنا، رقميًّا، والحياة تحوَّلت إلى شاشة جوال فيها جميع تفاصيل الحياة، كذلك الأجهزة الذكيّة استهلكت أغلب أوقاتنا، ممّا أثَّر على الجانب الصحي والسلوكي، كما أنّ الأطفال يستمدّون ثقافتهم من الأجهزة الذكية، لذا لا بدّ من توجيههم الوِجهة الصحيحة المبنيّة على العقيدة الإسلامية وحُبّ وُلاةِ أمرِهم ووطنهم، والتَّفاني في خدمته.
تحوَّلت الحياة إلى رقميّة وأثَّرت في جميع جوانب الحياة، ما لم يكُن هناك اتجاهات تعزِّز قِيَم التواصل وتطوير أساليب حياة المجتمع وفق هذه الاتجاهات التي تعزِّز لديهم هذه القيم.
إنَّ أبرز التحديات التي تواجه جيل اليوم، معرفة الإنسان ماذا يريد؟ لماذا يريد؟ كيف يتحقَّق ذلك؟ فهنا يرسم الإنسان لنفسه أهدافًا يسعى لتحقيقها ويوجّه قدراته وإمكاناته نحوها، وبالتّالي لديه وسائل جمّة في التّواصل الاجتماعي من خلال أدواتها لتحقيق التعلّم واكتساب المهارات والولوج للمواقع التي تخدمه، والاستماع للعلماء والمفكرين الذين يخدمونه في تخصصه وأهدافه، فهنا الإنسان هو من يمسِك زمام المبادرة في التعلّم وتحقيق التعلّم الذاتي، والاستفادة من مصادره من خلال هذه القنوات.
إنَّ اكتساب مهارة التعلم الذاتي يساعد الإنسان في اكتشاف المعرفة وتوظيفها في حياته، بحيث تكون لديه معايير يطبقها في مدى الاستفادة من هذه المعلومات والمعارف التي بين يديه، وتعدّ مهارة إدارة الوقت من الأولويات التي يجب على الجميع اكتسابها واستثمارها في عالم يموج بفضاء مفتوح، فقد تستهلك وقتهم فيما لا يعود على أنفسهم ودينهم ووطنهم بفائدة، بل إنَّ استثمار ذلك وتوظيفه مهمّ، وعامل حاسم في الاستفادة من التقنيّة، وتوظيفها فيما يحقّق أهدافه وأولوياته التي حدَّدها مسبقًا، وتوجّهه نحو تلك الأهداف التي ينبغي عليه أن يحقِّقها.
إنَّ إدارة الوقت واستثماره تتجلّى في استشعار الإنسان أهميته وأثره في حياته، فيبادر بالمحافظة عليه ولا يهدره فيما لا يعود عليه بالفائدة، بل إنَّه يخطِّط ليومه من ناحية المهام والأولويات التي يرى ضرورة تنفيذها خلال يومه؛ لأنها تشكِّل لديه قِيَمًا يسعى لتحقيقها، فالقِيَم ذات أهميّة وتأصيلها لدى الإنسان -وخاصة الناشئين- يكون من خلال المناهج الدراسية؛ حتى تتشكَّل تلك القيم وتوجّه سلوك الإنسان.
د. محمد حارب الشريف
مقالات سابقة للكاتب