ورق بلا أقلام

وقفت أنظر ساعة إذ تعثرت قدمي بأوراق ذات ألوان جديدة؛ لا يعرف أحد كيف طرحت و لماذا .. استعدت بعد برهة كتاب تراث قديم يتأمل كل قوانين العلاقات الإنسانية و يترجم كل الأصوات المادية إلى حب الحياة ، و الأمل في غد مشرق تطلّع إليه أناس عُجنت نفوسهم بماء الذهب الخالص ، و استعادت أكفهم دعاء للبقاء و نشر الحب و رعاية المستصرخين فهم ملائكة تمشي على الأرض؛ حقيقة أحسبنا نصدقها !

كانوا يلملمون فتات خبز غنى معها تاريخهم بغد مشرق و صفحة نديه ملهمة ، ابتاع أحدهم قصاصة ورقة و انطلق يهرول مسترسلاً في أبجدية بدايتها و نهايتها …. ( يحمل أسفاراً ) !

تلعثم الرجل و هو يقترب إلى صرخة الزائر المتأثر و تدارك أقلامه ليكتب سطراً حفظه يوماً : ( من أسعد نفسه لا يجرؤ الآخرون أن يفسدوا عليه حياته ، و من ترك الناس يعبثون في أوراقه المبعثرة و يجمعونها كيفما أرادوا سيكون عليه أن يحتمل تغيُّر مزاج فكره و مشاعر قلبه و سوء تنظيم أمتعته ) !

ابتسم و هو يردد : لا زال معي مزيداً من الراحة النفسية فقد مَلَكَت قلماً و أنا لدي أوراقاً أكتب و لو سطراً من نور يضئ فيه سماء القلب و يسقط على صحراء فكره وابلاً من الأمطار تهز كيان عالم يُجمّد عن الوضوح و يستثني لقاء الأحبة و يُعلّم على بقايا حلم من أمس قريب !

لعب الشوق في أضلعه و كف الألم عن نزيف التحذير و بدأ يقاوم صنوف الابتزاز و صوت بريق الماس الذي يجده في ملفات فكره المستلقي بين سحابة النفس و ترنيمة الوجدان قد همست له بيقين : أنت و ما تريد !

فالقناعة فكر ناضج و عقل متطور ، و اليقين بلوغ غاية مأمنها ، و الرقي الروحاني قد يصعد إلى سماء الآخرة بسلام هيأه الله له؛ فلا يبلغه إلا من بلغ به إيمانه مبلغاً يحتوي ماديات الحياة و يطرحها أرضاً و تنطلق روحه في نعيم خالقها ترفرف بقناعة و رضا بما يجود به المنعم!

صافحت أكف الضراعة الميقات و استبشر القلم بماء الحياة و لملم أوراقه و بدأ يكتب صفحة من حلم قديم يعلم أنه بلوغ غايته اليقين؛ أما وسيلتها فهناك كتب عليك به أن ترى ماقد أعان الله به عليه ( و جاء بكبش سمين ) ..

( فتبسم ضاحكا من قولها ) و كتم ما يسترعي قولاً يليق بمقامه و سرى في همة تبلغ عنان السماء و تصنف مكنون الجبال و بدأ يرعى سنة و ينتمي لصفوة من أنعمه سبحانه و كرمه بعفوه فأخذ كل متاعة و سار يهرول علّه يلحق رضا من خالقه و عفواً و صفحاً يبلغ فيه مأمنه من الدنيا.

 

آمال الضويمر

مقالات سابقة للكاتب

تعليق واحد على “ورق بلا أقلام

المدربه لمى المزروعي

مقال جميل معبر يحتاج قراءه متانيه حتى يستطيع القاري ان يفهم الاسرار الخفيه من الموضوع مقال جميل في هذا الصباح جعلني افكر واشغل عقلي ب مغزى هذا المقال واستفدت من افكاره كثيرا بارك الله فيك اختى

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *