إنَّ القيادة الفاعلة التي تستطيع إيجاد مناخ إيجابي تصنع من خلاله إنجازات للمنظّمة، وتوظّف إمكانات وقدرات الفريق نحو أهداف المنظمة ورسالتها ورؤيتها، فالقيادة أمامها العديد من التّحديات؛ سواء داخل المنظمة أم خارجها، واستثمار الفرص الداخلية والخارجية وتوظيفها نحو تميّز المنظمة وإبداعاتها؛ لتحقيق أهداف المنظمة؛ وهي البوصلة التي توجّه القائد نحو الإبداع والتميّز وصناعة الإنجازات للمنظّمة.
كم مِن قائد لديه رؤية ورسالة وأهداف، فوظّفها بالتعاون مع فريقه حتى أصبحت واقعًا يلمسه الفريق من خلال أداء الفريق، فتميَّز وكذلك تميَّز فريقه وأبدع!
وكم مِن منظّمة ضاعت رؤيتها، ولا يملك قائدها أهدافًا لمنظمته، فغابت الرؤية وتشتّت الاتجاه، فسارت المنظّمة في كلِّ اتجاه، وبقيت في مكانها إن لم تتأخر عن باقي المنظمات في جودة المنظّمة وتميزها.
فالقائد الذي يشارك فريقه بخبراته وتجاربه ويُشرِكهم في وضع الخطط والبرامج التي تسهِم في تحسين وتطوير المنظمة، يساهم في تقليل ضغوط العمل وإدارة الأزمات من خلال بعض السمات التي يكون القائد مستمعًا جيّدًا ومُنصِتًا مُلهمًا في حديثه، بودٍّ واستماع وتطوير للآخرين، يشاركهم في صناعة القرار وعدم الانفراد به، وكذلك يبني لديهم مفهوم التعلّم الذاتي والتعاون والإنصات والقيادة التشاركيّة، ويعامِل فريقه بإحسان، فلطالما استعبد الإحسان إنسانًا حتى تتكوّن لديه الصورة الذهنية عن القيادة، وسمّوها الارتقاء بالإنسان، وجميع ما يؤثر على العلاقات الإنسانية في المنظمة.
إنَّ التميز عنوان لكلّ منظمة شغوفة بتحقيق الإنجازات والجودة في جميع أعمالها من خلال فريق قادر على الانصهار في بوتقة رؤية ورسالة المنظمة، حيث تزول بينهم الحواجز والفروقات التي تباعد بينهم وتزيد الفجوة بين القائد والعاملين، ممّا يزيد ضغوط العمل على القائد الذي يجب عليه أن يؤسِّس في فريقه روح العمل والتميّز والقدوة، وإشراكهم في قرارات المنظمة حتى يكون ذلك دافعًا ومحفِّزًا للإنجاز، ويشركهم في التّكامل والنجاح الكلي للمنظمة الذي يمثّل الجميع ولا يمثل القائد بعينه.
فالقائد هو الرّكيزة الأساسية الذي يصنع ذلك ويحقّقه من خلال فريق متناغم وقائد مدرِك لأدواره، وأهميّته في المنظمة برؤية واضحة ورسالة بيِّنة وأهداف جليِّة ومبادرات تحقق ذلك بأقل التكاليف، والاستفادة من الموارد البشريّة وتنميتها وتدريبها بما يحقِّق رؤية المنظمة ورسالتها وأدوارها المجتمعية، والمساهمة في تحقيق التنمية المستدامة من خلال منتجاتها وخدماتها التي تقدِّمها.
فهو الذي وهبه الله الحكمة والبصيرة في إدارة ذاته وتحقيق الذكاء الوجداني في ضبط مشاعره وأحاسيسه ورغباته، وتوجيهها بما يعزِّز مهارة التواصل بين القائد ومرؤوسيه، وتشجيعهم على إبراز قدراتهم وتطويرها وتوجيهها نحو أهداف المنظمة ورؤيتها، وهذا يعزِّز الذكاء الاجتماعي في تطوير مهارات الفريق، وتحقيق التفاعل بينهم، بما يسهم في تحقيق رؤية ورسالة المنظمة التي تنطلق من خلالها، وتبنّي برامجها ومبادراتها التي تحقّق ذلك.
فقدرة القائد على تحديد التحديات التي تواجه منظمته في أسلوب العمل، وكذلك العمليات والعمل على تجاوزها بأسلوب علمي، ليضمن تفاعل فريقه نحو الإنجاز والتعاون المثمِر الذي يُبنى وفق أسلوب علمي حتى يستطيع أن يصنع الإنجازات ويسير بالمنظمة نحو آفاق جديدة تصنع فروقًا في تاريخ المنظمة وتميّزها، فهنا يصبح قائدًا متميّزًا استثنائيًّا قادرًا على تطوير وتحسين المنظمة وتغييرها بأسلوب علمي مبني على رؤية وأهداف واضحة.
د. محمد حارب الشريف
مقالات سابقة للكاتب