فجعت صبيحة يوم الأحد ٧ /٤/ ١٤٤٥هـ بنبأ وفاة أخي العزيز وخال أبنائي الأستاذ عبدالرحمن المخلافي صاحب القلب المخموم والذي طالما كان يجالسنا، ويسعدنا بسعة صدره وسكينة روحه.
عرفته منذ ربع قرن رجلًا جادًا مكافحًا في الحياة ، محبًا للآخرين ، رافقته في الدراسة والسفر ؛ فكان زميلًا أثناء دراستي “دبلوم إدارة الأعمال” في كلية المعلمين بمكة ، وسافرت معه وحججت معه فكان نعم الرفيق والأنيس.
وقد أطبق على محبته الجميع من أقاربه ، وكان محبوبًا لدى أصدقائه ومعارفه ، ومشهودًا له بطيبة القلب والتلقائية وصفاء السريرة وكثيرًا ما يحرص على صلة رحمه وأقربائه ، لا يتخلف عن مناسبة اجتماعية يدعى لها.
وقد عرف بلطفه ولين جانبه وطيب معشره ، ودماثة أخلاقه ، وحسن عباراته وبشاشة محيّاه :
وجه عليه من الحياء سكينة
ومحبة تجري مع الأنفاسِ
وإذا أحب اللهُ يومًا عبدَهُ
ألقى عليه محبةً في الناسِ
وكان رحمه الله مرح الخاطر لا تغيب عنه النكتة ولا تفارقه الابتسامة حتى في أوقات الشدّة.
ويمتاز بالهدوء الطبيعي الغير متكلف والذي يبعث السكينة والاطمئنان في قلوب الكثير من أهله ومعارفه.
وقد وفقه الله تعالى لانتقاء العبارات ولذلك نجح في تواصله الإيجابي مع الآخرين ؛ وحب الخير لهم وحرصه على إشاعة روح الجمال بينهم ، فكان ذلك علامة فارقة له يدركها جميع أحبابه وأصدقائه.
وكل من عرفه عن قرب من أقاربه وزملائه لا بد أن تجده يحتفظ له في ذاكرته بعدة مواقف جميلة معه.
وفي طريق عودتي من العزاء سألت إبني مهند عن أبرز المواقف التي يحتفظ بها لخاله رحمه الله تعالى.
فقال: “من المواقف التي لا أنساها له معي خاصة في أثناء دراستي بالمرحلة المتوسطة :
كنت العب بفناء المدرسة وأنزلقت قدمي فأصبت في ركبتي إصابة كبيرة فاتصل به المشرف الاجتماعي وحضر مسرعًا قبل وصول سيارة الإسعاف والتي نقلتني للمشفى وكان برفقتي يمسح الدماء عن ركبتي ويخفف عني الألم ويصبرني”.
هذا هو أبو فارس كما عرفه الجميع بطيبته وحنانه ، ومواقفه المشرفة ، وبموته فقدت قريبًا وصديقًا ورفيق حياة.
وقد طوح بيّ الخيال إلى تلك الأيام والليالي الجميلة والتي قضيناها سويًا مع والده العم محمد – رحمهم الله جميعاً – وما كان يتخللها من جلسات ومسامرات لا تخلو من القصص والحكايات والأحداث والمواقف والأشعار والطرائف والنكات الخفيفة على قلوبنا، فإنه كان يحلو ويعذب السمر بحضورهم وطيب نواياهم:
يا حبذا أزمُنٌ في ظلهم سلفت
ما كان أقصرها عمرًا وأحلاها
أوقاتُ أنس قضيناها فما ذُكرت
إلا وقطع قلبُ الصب ذكراها
وما هذه السطور سوى مجرد أحاسيس ومشاعر أبت إلا أن ترى النور ؛ وحروف تختلج بها النفس انطلقت لتعبر وتفصح عن بعض ما في الضمير.
أسأل الله تعالى بأسمائه الحسنى وصفاته العلى أن يغفر لأخي عبدالرحمن وأن يرحمه
وأن يرفع درجته في المهديين وأن يخلفه في عقبه في الغابرين وأن يغفر لنا وله ولجميع موتى المسلمين.
خالد بن محمد الأنصاري
🔘 إضاءة :
في القبور لنا أحباب يتقطع القلب لفراقهم فعوضنا يا الله برؤيتهم في الجنة ..
اللهم آمين.
مساء يوم الإثنين
٨ ربيع الثاني ١٤٤٥هـ
بمكة بلد الله الحرام
مقالات سابقة للكاتب