بين شاعرين

أكرمني أخي العزيز اللواء محمد بن هشلول بدعوة كريمة لحضور مجلسه الأدبي مساء يوم الخميس ٢٥ ربيع الثاني ١٤٤٥هـ والتشرف بإدارة الأمسية الشعرية الزكيّة ، في ليلة من ليالي مكة البهية ، وبإستراحته في حي الراشدية .

إحتفاءً بشاعرين كريمين وأخوين فاضلين وهما كل من سعادة العميد حمد الحيزان والعميد مشعل المغربي.

فإن للشعر والشعراء منزلة سامية ومكانة عالية في صدر الإسلام ، فقد كان النبي ﷺ يقول لشاعره حسان بن ثابت الأنصاري رضي الله عنه : (أهجهم وروح القدس معك).
‏وقال عن شاعره عبدالله ابن رواحة الأنصاري رضي الله عنه : (فوالذي نفسي بيده لكلامه أشد عليهم من وقع النبل).

‏وإنما الشِّعْرُ لُبُّ المرْء يَعرِضُهُ
‏على المجالس إن كَيساً وإن حُمُقا

********

‏وإنّ أشعرَ بيتٍ أنتَ قائلهُ
‏بَيْتٌ يُقالُ، إذا أنشدتَهُ، صَدَقا

أستهلّ شاعرنا العميد حمد الحيزان ضيف الأمسية بقصيدة “لامية” عن أحداث “زلزال تركيا” يقول فيها:

تبدل الأمرُ من حالٍ إلى حالِ
في طرفةِ العينِ من أسبابِ زلزالِ

********

ارتجتْ الأرضُ لبَّتْ أمرَ خالقها
وأصبحَ الناسُ في ذعرٍ وولوالِ

********

أضحى الذي يسكنُ الأبراجَ شاهقةً
يقولُ يا ليتني في ظلِّ طربالِ

********

وباتَ خلقٌ كثيرٌ في شوارعهم
توسدوا الأرضَ بعدَ المفرشِ العالي

********

وبعضهم يطلقُ الآهاتِ تسمعهُ
بالكاد تحتَ ركامِ المنزلِ البالِ

********

باتوا مع الأهلِ والآمال تغمرهم
فأصبحَوا دونَ أهلٍ دونَ آمالِ

********

يكسوهمُ الحزنُ والأبصارُ شاخصةٌ
وهالهم منظرُ ما كانَ في البالي

********

اللهُ يرسلُ بالآياتِ تذكرةً
لعلَّ مِنْ رجعةٍ للغافلِ القالي

********

يا قومُ عودوا إلى الرحمنِ واعتبروا
مِنْ قبلِ أنْ تُفجأوا بالحادثِ التالي

********

توبوا إلى الله من ذنبٍ ومعصيةٍ
ومِنْ مآثمَ أقوالٍ وأفعالِ

********

فالله يا قومُ جبَّارٌ ومنتقمٌ
كم أهلكَ اللهُ مِنْ قومٍ ومِنْ آلِ

********

لا يخدعنَّكمُ حلمٌ الإله بِكم
فالله يمهلُ لكن دونَ إهمالِ

********

لا تأمنوا مكرهُ فالله مقتدرٌ
يقولُ كُنْ فيكونُ الأمرُ في الحالِ

********

ألم تروا كيف باتَ الناسُ في دعةٍ
حتى أفاقوا على رَجْفٍ وأهوالِ

********

عودوا إلى الله إن الله يفرحه
ما كانَ من عودةٍ منكم وإقبالِ

********

وأنفقوا في سبيل الله طيبةً
به النفوسُ بدينارٍ ومثقالِ

********

عودوا إلى دينكم لا تطلبوا بدلاً
فيُنْزِلُ اللهُ إبدالاً بإبدالٍ

ثم أردفها شاعرنا بقصيدة أخرى “بائية” عن “زلزال المغرب” من ضمنها يقول :

يا نفسُ توبي للإلهِ وقَرِّبي
ولهُ ارفعي كفَّ الدعاء وأطنبي

********

فالحادثاتُ تتابعتْ وتعاقبتْ
ولسوفَ يأتي غيرُها فَلْتَرْقُبِي

********

في تُرْكِيَا بالأمس صُغْتُ قصيدتي
واليوم أكتبُ أختَها في المغربِ

********

فلقد رأيتم ما جرى في مغربٍ
من هولِ زلزالٍ عنيفٍ مُرْعِبِ

********

يا أمةَ الإسلامِ عودوا وانتهوا
واستيقظوا من نومِ كهفٍ غيهبِ

********

أوما ترونَ رسائلَ الله التي
تأتي كعقدِ اللؤلؤِ المُتَكَبْكِبِ

********

إنِّي أخافُ عذابَ رَبٍّ قادرٍ
إن لم تعودوا للمعينِ الصيِّبِ

********

لكتابِ ربِّي ثم سنةِ أحمدٍ
ولهدي أصحابِ النبي الأطيبِ

********

عودوا لدينِ الله لا تتبدلوا
إسلامَكم بتَشَرُّقٍ وتَغَرُّبِ

********

فلَئِنْ أتى أمرُ الإله فبعدها
لا تسألوا عن هولهِ المتصبصِبِ

********

يا ربُّ أنتَ المُرْتَجَى والمُلتَجَى
أنتَ المُخَلِّصُ مِنْ ضلالِ مُطْنِبِ

********

يا ربُّ قد بلغَ الزبى سيلٌ فما
للداءِ من مُسْتَكْشِفٍ ومُطَبِّبِ

********

ضَعُفَتْ قوانا ليس إلا أنت مَنْ
يهدي القلوبَ إلى الطريقِ الأصوبِ

ثم بدأ شاعرنا العميد مشعل المغربي بقصيدة “ميمية” بعنوان “لطيبة تُشد الرحال” بمناسبة الإجتماع الخامس لدورة الأربعين الأشاوس بطيبة الطيبة يقول في مطلعها:

أرِقٌ يعاوده المنام لماما
والشوق يعتبر الهجوع حراما

********

ما كان شوقًا للغواني والصبا
لكنْ تشوّق للنبي فهاما

********

ياسيدالثقلين جئتك عاشقا
اهدي اليك تحية وسلاما

********

يممة طيبة فاستنار لي المدى
وجعلت حبك حاديا ومراما

********

ياسيدي والشعر اسرج خيله
واتاك ينشد رفعةً ومقاما

********

ويروم قائله المحب شفاعةً
يوم القيامة والعباد قياما

********

حتى وقفت امام قبرك خاشعاً
وانساب دمع المقلتين سجاما

********

ورجعت ادراجي الى الماضي الذي
قد كنت فيه معلما واماما

********

وارى الصحابة خلف محراب الهدى
صفوا وراءك سجدا وقياما

********

يسقون من نبع النبي وورده
وهمو على عذب المعين زحاما

********

ويرون جبريل الامين مبلغاً
سور الكتاب ً فتاسر الافهاما

********

وبكل شبر بالمدينة روضةٌ
ذكرى تفوح ازاهراً وخزامى

********

وبكل زاوية بطيبةَ منبرٌ
يهدى الوجودا وينشر الاسلاما

********

صلى عليك الله ياخير الورى
ماداعب البرق العميم غماما

********

وجزاك رب الناس خير جزائه
ياخيرَ من صلى الصلاةَ وصاما

********

جئنا لمسجدك العتيق وكلنا
شوقاً لباني صرحه وغراما

********

نستمطر الغفران في جنباته
ونروم منه محبة ووئاما

********

ياخير خلق الله جئنا هاهنا
حباً فاعجز رجعه الاقلاما

********

هاقد اتينا والوفاء يضمنا
لولا الوفا لم نتعب الاقداما

********

ابنا ء انصار النبي تحيةٌ
من دورةٍ رائت الوفاء ذماما

********

كنتم ولا زلتم مصابيح الدجى
يااهل طيبة سادة وكراما

********

المطعمون وقد تقاصرت الدنا
فهم السراة لمجدها وتهاما

********

اني باسم الحاضرين ابثكم
شكرا يضل علي الصدور وساما

********

من شاعرٍ نسج الوفاء قصيدة
صباً تشوق للرسول فهاما

وألقى على مسامعنا أيضاً قصيدة جميلة أخرى “بائية” بمناسبة الملتقى السابع لضباط دورة الاربعين والمنعقد في أبها يقول فيها:

توارى النوم عن عيني وغابا
واورثني الملالة والعذابا

********

واملاني حديث الروح شعراً
قلوب العاشقين له كتابا

********

حديثٌ من صدى الاهات يسرى
بكيت به الاحبةَ والصحابا

********

يخفف وطئت الالام عني
ونار الوجد تلتهب التهابا

********

اقول لعاذلي ف الحب مهلا
(( سلو قلبي غداة سلا وتابا))

********

باي مسرةٍ ياقلبي تلهو
وقد ودعتُ ياقلبي الشبابا

********

ولم يبقي لك الاحباب شيء
سوى ذكرى تجرعك العتابا

********

واطلالٌ تحدث كل يومٍ
عن الماضي الذي ولّا وغابا

********

فعرج بي على الاطلال علّي
الاقي في مغانيها الجوابا

********

وخذ بنواصي الاحلام وارحل
فان الحب اوّلا ان يهابا

********

علونا للسراةِ بنا اشتياقٌ
ومن تعلو به الاشواق ثابا

********

نردُ عليك يا ابها قلوباً
ترى الدنيا بلا ابها اغترابا

********

حجازيون زمزمُ في دمانا
جنوبيون ان جأنا الصحابا

********

اتينا من رحاب البيت نُزجي
لاهل الفضلِ والمجدِ الركابا

********

ويحدونا الى الاصحاب شوقٌ
كرامٌ جودهم ساما السحابا

********

على الجبل الاشمّ لهم قصورٌ
كأن لهم الى النجم انتسابا

********

بنو فوق السراة فشابهوها
علواً واكتمالاً واحتسابا

********

بأسم الاربعين اقول لمّا
اياد الفضل طوقت الرقابا

********

سلامٌ ياكرام الناس انتم
جهاتُ الارضِ بعداً واقترابا

********

مساء الحب ماسعدت قلوبٌ
وفاض الانس بينهمُ وطابا

********

فداً لك ياجنوب المجد قلبٌ
تعلّق في رباكِ هواً وذابا

********

فحيّ الاربعين وهم اسودٌ
معاً عشنا ليالينا العِذابا

********

وهاهم قد اناخو بعد عمرٍ
شيوخاً اودعو الوطن الشبابا

********

وكم شادو لدورتنا صروحاً
لوجه الله يرجون الثوابا

********

جزا الله الاشاوس كل خيرٍ
والبسهم من التقوى ثيابا

********

جمعنا الله في ابها وانّا
لنرجو في الجنان لنا مثابا

وعدنا في آخر الأمسية للشاعرنا وضيفنا العميد حمد الحيزان حيث شنف أذاننا بقصيدته الرائعة “التائية” بعنوان “الصبر يا شِعْر” يقول في مطلعها:

مللت يا شاعري نظمي وأبياتي
مللتُ قافيةً تحكي معاناتي

********

إلى متى كلماتُ الحزنِ تغمرني
إلى متى وهمومي في عباراتي

********

إلى متى وأنا المطعون في كبدي
والنزفُ يثعبُ دوماً من جراحاتي

********

ألست تعرفُ غير الحزنِ أغنيةً
منها تغردُ فوقَ الخدِّ دمعاتي

********

ألستَ تُحسنُ يا هذا قوافيها
قصيدة العشقِ من بحرِ الغراماتِ؟

********

أما تحبُّ أما تهوى فواعجبي ؟
أصار قلبُك شيئاً من جماداتِ ؟

********

أين التغزلُ لم تعرفهُ قافيتي ؟
ما دغدغت فتيات الحي كلماتي

********

أين القصائدُ تحكي عشقَ قائلها ؟
منها تذوبُ حشاشاتُ العشيقاتِ

********

إلى متى في بحور الهم تبحرُ بي
تسير بي في محيطاتِ الملماتِ

********

تتيهُ يا شاعري لا مركبي وصلتْ
بر الأمانِ بأحمالٍ خفيفاتِ

********

ولا بقاعِ عميقِ البحر تُغرقني
تُنهي حياتي وتنهيها متاهاتي

********

رفقاً أيا شعرُ كادَ اللوم يقتلني
رفقاً بربكَ تكفيني عذاباتي

********

لا تحسب القلب جلموداً فإن به
من المشاعرِ أمثال المحيطاتِ

********

أهوى القصيدَ كهتانٍ إذا هطلتْ
على الثرى لبستْ فُسْتَانَ زهراتِ

********

أهوى القوافي بعطرِ الوردِ إن نفحتْ
أهوى القصائدَ في وصفِ الجميلاتِ

********

أهوى التغزلَ في تلك التي سكنتْ
قلبي أبث لها شجوي وأنَّاتي

********

أبثها الحب سيلاً هادراً ولها
إن حدثت كان إنصاتي وإخباتي

********

ألفها برداء الشعر إن وقفتْ
وإن مشتْ ركبتْ نظمي وأبياتي

********

أهوى الجمالَ وهذا الحسنُ يعجبني
طبيعة الخلقِ جاءت في انطباعاتي

********

وفطرةُ الله في قلبي أعيشُ بها
والحبُّ منها غدا أعلى المقاماتِ

********

لكنني يا رفيقَ الدربِ يمنعني
من ذاك أحداثُ أهوالٍ عظيماتِ

********

أما ترى أمة الإسلام مزقها
هذا التفرقُ غصتْ بالعداواتِ ؟

********

تشرذمتْ بعدما كانتْ موحدةً
بعد الخلافة أضحتْ كالدويلاتِ

********

والهمُّ يعظمُ من أحوالِ أمتنا
تنامُ في التيهِ تصحو في الخرافاتِ

********

تعيشُ من دونِ أهدافٍ تحددها
كأنما القومُ جمعٌ من بهيماتِ

********

أسماؤنا أحمدٌ زيدٌ ومعتصمٌ
أما الرسومُ فقد أضحتْ غريباتِ

********

تغرب البعضُ في العاداتِ وانقلبوا
وضيعوا أصلهم يا ضيعةَ الذاتِ

********

وضيعوا الدينَ والإيمانَ وانفلتوا
في كلِّ ناحيةٍ خلف الملذاتِ

********

عمَّا أحدِّثُ يا شعري أعَنْ سُنَنٍ
ماتتْ وعنْ أمةٍ أضحتْ كأمواتِ

********

أم عن عذارى تركنَ الخدرَ باكيةً
عيونهُ لم يعد خدر العفيفاتِ

********

تشكو المروءةُ أفعالاً لهن كذا
يشكو الحياءُ تقاليعَ العباءاتِ

********

خرجنَ للفتنةِ العُظمى فواأسفى
يا ضيعةَ العرضِ يا موتَ الكراماتِ

********

يا شعرُ كيفَ أصوغُ الحب أغنيةً
وكيفَ أنشرُ في الآفاقِ بسماتي

********

لا أستطيع ففي قلبي لظى ألمٍ
من ذلةِ العُرْبِ في عصر الفضاءاتِ

********

لكن خذ العهد إن زالت مصاؤبنا
وقامَ قومي من قاعِ الغياباتِ

********

وعادتْ الأمةُ الثكلى لعزتها
وأشرقَ النورُ وازدانتْ صباحاتي

********

فحينها سترى الأشعارَ راقصةً
وسوف تطربُ من دوحي ونغماتي

********

وسوف تملأُ هذا الكونَ أغنيتي
سعادةً وحبوراً وابتهالاتِ

********

وسوفَ يغرقُ من أحببتها أدبي
فيض المشاعرِ يهديها حشاشاتي

********

صبراً جميلاً أيا شعري فسوف نرى
من بعدِ هذا الأسى عيدَ المسراتِ

وفي ختام هذه الأمسية الجميلة أشكر اللواء محمد بن هشلول على دعوته ولجميع ضيوف الأمسية ، فقد عشنا أمسية شعرية أدبية في هذه الليلة الماتعة والمضيئة بشاعرين كريمين .

2 تعليق على “بين شاعرين

ماريا نضال

أكرم بك وبمن دعاك ، ونفع بكم جميعا 🤲🏻

هاجر

جزاك الله خير الجزاء استاذنا خالد الأنصاري على تدوين هذه الأمسية الجميلة بكفادة عالية ونقلها لنا بمشهد تصوري رائع فلك وسهام إدارتها وتدوينها ببصمة مميزة والشكر المتواصل… اللواء محمد بن هشلول بدعوة الحضور المجلس الأدبي ‘و لشاعرين سعادة العميد حمد الحيزان والعميد مشعل المغربي… بارك الله في جهودكم جميعاً …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *