🖋️ قصر لا يوازيه أي قصر، وبناء يختلف عن أي بناء- مهما بلغت فخامة ذلك البناء-يبقى بيت أمي مشاعر احتوتنا واحتوت مشوارنا معها- رحمها الله- ولقد عاهدت نفسي أن لا أحزن عند فراق ذلك البيت؛ لأني قبله فارقت من هي أغلى منه: إنها أمي..
ولأني مؤمنة أن الحزن لا يعيد من رحل؛ ومؤمنة أيضًا أن ما يبقى هو الدعاء، وأن اللقاء الحقيقي في جنة الخلد؛ ها أنا ذا أدعو الله ليل نهار أن ألتقي بأمي في الفردوس من الجنة و والدي وأهلي وجميع المسلمين (فاللهم آمين).
أيها القراء:
كم شاركتموني كثيرًا من كتاباتي وكم حوت من مواقف قد تكون مؤلمة، لكنها في غالبها- ولله الحمد- مفرحة، ولطالما صغتها لكم بقالب الفرح والإيجابية؛ حتى لا تؤثر تلك الكتابات على قلوبكم ومشاعركم.
وعدتكم في هذا المقال أن لا أحزن على بيت أمي كبناء؛ لكن قد تجدون هنا بعضًا من المواقف المحزنة، لكنها طبيعة البشر…
عن أنس رضي الله عنه : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دخل على ابنه إبراهيم رضي الله عنه وهو يجود بنفسه، فجعلت عينا رسول الله صلى الله عليه وسلم تذرفان. فقال له عبد الرحمن بن عوف: وأنت يا رسول الله؟! فقال: «يا ابن عوف إنها رحمة» ثم أتبعها بأخرى، فقال: «إن العين تدمع والقلب يحزن، ولا نقول إلا ما يرضي ربنا، وإنا لفراقك يا إبراهيم لمحزونون».
(رواه البخاري)
ذكريات فريدة:
بيت أمي مشاعر نادرة، رأيتها أفعالًا تحتوينا ويمسك بأيدينا نحو طريق النجاح..
بيت أمي مشاعر صادقة كانت تودعنا بالدعوات وتستقبلنا بالدعوات( دون مقابل )
بيت أمي نافس هرم( ماسلو ) في تحقيق ما نحتاج دون أن تظهر لنا رحمها الله أية تعب أو عناء، لكني كنت أراه في عينيها..
أذكركم: بيت أمي ليس مجرد بناء..
ولأني فارقتها فيه، لم يعد له أي قيمة عندي.
صحيح أنه ذكراها، لكن.. ماقيمة الذكرى بدون أصحابها..!؟
ليست فلسفة لكنها الحقيقة:
حرصت على تفريغ قلبي ومشاعري من الذكرى؛ ليبقى صاحب الذكرى متربعًا، كلما ذكرته دعوت: ( رَبِّي ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا ).
أيها الفضلاء:
لسنا جاهليون لنبكي على أطلال من رحلوا.
ولسنا خياليون لنرجوا عودة من رحلوا.
لكن العين تدمع …
نعم، لأن طبيعة البشر حقيقة لا يختلف عليها اثنان؛ من هنا أعترف أنه مامر ذكر أمي إلا وأجد عينيّ تذرفان الدمع دون استئذان.
ولأن هذه طبيعة البشر بالتأكيد الجميع يشاركني ذلك تجاه أمه وأباه.
نحزن ونبكي، ولكن…
يجب أن ننهض وننفض عن قلوبنا غبار الذكريات، ونواصل المسير مستعينين بالله؛ لنحقق حلمًا طالما انتظره والدانا ، ولنحرص كل الحرص على بذر وزرع كل مامن شأنه أن يثمر لهما مكانًا في الفردوس من الجنة، ولا ننس الدعاء الدعاء…
بيت أمي :
أمان مشاعر قبل أن يكون أمان منزل.
نعم يكون ذلك حينما تكون الأم بعد فقد الأب، الاثنين معًا..
( رَبِّي ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا )
هانحن اليوم نودع بيت أمي لكن ذكرياتها مازالت في قلوبنا قبل عقولنا.
نودعه وكلنا أمل أن نلتقي بها و والدي في الفردوس من الجنة، أعظم من جميع قصور الدنيا…فاللهم آمين .
همسة مشاعر:
البيوت بأصحابها؛ فكونوا خير من يُذكر بالخير بعد الرحيل…
فاطمة بنت إبراهيم السلمان
مقالات سابقة للكاتب