أقرَّ مجلس الوزراء ” برنامج التحول الوطني ” أحد برامج رؤية المملكة 2030 بهدف الإسهام في تعزيز العملية التنموية للاقتصاد الوطني ضمن المتغيرات المحلية والعالمية والتنفيذ الفعّال المخطط والسياسات الاقتصادية والتنموية .
وكعادة كل الرؤى والإستراتيجيات حضر التعليم كيفًا وكمًّا، وخُصص للتعليم من برنامج التحول ما يتجاوز أربعة وعشرين من المليارات ، ورسم بأناقة قفزة تعليمية طموحة ومختلفة ، يمكن أن نراها من خلال إتاحة خدمات التعليم لشرائح الطلاب كافة، وتحسين استقطاب المعلمين وإعدادهم وتأهيلهم وتطويرهم ، وتحسين البيئة التعليمية المحفِّزة للإبداع والابتكار، وتطوير المناهج وأساليب التعليم والتقويم، وتعزيز القيم والمهارات للطلبة ، وتعزيز قدرة نظام التعليم لتلبية متطلبات التنمية واحتياجات سوق العمل ، وتنويع مصادر تمويل مبتكرة، وتحسين الكفاءة المالية ، وأخيرًا رفع مشاركة القطاع الأهلي والخاص في التعليم .
إذن هي قفزة لها من الأرجل ثمان ، قفزة عملاقة كما تبدو للوهلة الأولى، وهي تحتاج لبرامج كثيرة ومتنوعة للتنفيذ، وهي مهمة لن تكون سهلة بل صعبة وشاقة نظرًا للعديد من الأسباب التي من ضمنها واقع التعليم الذي يحتاج في نواح عدة إلى عمليات إصلاح تشبه تدخل الجراح الماهر في غرفة عمليات ، ليس هذا فحسب بل إن الخطة ولأول مرة تقريبا تضع الطالب في الصورة بعد أن كان مُتجاهلا لعقود ؛ فهي تهدف لطالب مبدع ومبتكر ويحمل مهارات وجاهز لسوق العمل، كما أن المعلم لن يُدرب فحسب بل سيؤهل ، ولن يتوقف التمويل على ماتقدمه الدولة فقط، بل هناك مصادر تمويل ( مبتكرة )، ولمزيد من الفاعلية في تحقيق ذلك نصَّت الخطة على مشاركة أوسع للقطاع الخاص .
ولا أظن أن وزارة التعليم وحدها قادرة على إعداد برامج تحقيق الرؤية؛ إذ عليها أن تتشارك مع كل بيوت الخبرة والمثقفين والصحفيين ومنظمات المجتمع المدني والغرف التجارية وحتى الإداريين التنفيذيين في الشركات الكبرى ، كما عليها أن تخضع كل برامجها للتقييم من قبل جهة محايدة، والاعتماد على البحث العلمي والمعرفي وربطهما في سعيها لتنفيذ الرؤية .
إن المراهنة على الإنسان وبنائه هي خطوة أولى لتحقيق اقتصاد متين وذي موثوقية، والإنسان لا يمكن صناعته إلا من خلال التعليم؛ إذ لا توجد خيارات أخرى .
كما أن تحدياً آخر سيكون أمام التعليم وهو رفع كفاءة الإنفاق وترشيده، والتحول من التعليم التقليدي الذي اعتمد في ماضيه على التلقين واسترجاع المعلومات في أسلوب التقويم إلى تعليم يعتمد الإبداع والابتكار، وهذا النوع من التعليم يفوق مثيله بمراحل، ويتطلب بيئة محفزة وملائمة.
إن برنامج التحول فيما يخص التعليم يضع أمامه العديد من التحديات، بدءًا من التمويل وحتى تأهيل الطالب إلى سوق العمل الذي يتطلب شروطا صارمة ومهارات متعددة، كما تحمل الرؤية روحا جديدة تخرج التعليم برمته من مظلة الدولة لِتُشرك القطاعين الأهلي والخاص في المسؤولية في المشاركة مع الوزارة في كل شؤونه وخططه ومخرجاته.
هي دعوات صادقة لأن تتحقق الخطة أو بعض منها، ونحن قادرون إذا كانت الرؤية موجودة وأناس يؤمنون بها ولا يترك بعضهم أيادي بعض حتى في حال الاختلاف.
زينب الجغثمي
مقالات سابقة للكاتب