عندما تحتار النفس وتضل طريقها في الحياة ، وتبعثرها المواقف بكل ماتحمله من آلام وأوجاع وأحداث ؛ تحتاج الروح حينها إلى الراحة والإطمئنان والسكينة والهدوء ولا تجدها إلا في القرب من الله تعالى وذلك من خلال مايلي:
١- توحيد الله تعالى : ومعرفته سبحانه بأسمائه وصفاته من خلال آياته التي جعلها في الأنفس والآفاق وتربية المؤمن على توحيده والشهادة له بالوحدانية وإخلاص العبادة لله جل جلاله لتحصيل السعادة الدنيوية والأخروية بنيل رضوانه سبحانه كما قال شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله – في “مجموع الفتاوى” (٢٩/٩) : ” أهل السعادة هم أهل التوحيد! “.
كل الشهادات بعد الموت لاغيةٌ
لا تنفع العبد أو تمنحه تقديرا
إلا الشهادة بالتوحيد خالصة
يلقى بها العبد جناتٍ وتبشيرا
٢- الصلاة : وهي الصلة التي بين العبد وربه ،وأول ما يسأل عنه العبد يوم القيامة ، وهي رواء للروح ، وإنشراح للصدر ؛ لقول الله تعالى لنبيه ﷺ: {وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّكَ يَضِيقُ صَدْرُكَ بِمَا يَقُولُونَ (٩٧) فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَكُنْ مِنَ السَّاجِدِينَ (٩٨) } .
فالصلاة متعة وراحة لقوله عليه الصلاة والسلام “وجعلت قرة عيني في الصلاة “
وطمأنينة للنفس وهدوء بال لقوله ﷺ “أرحنا بها يابلال”
قال الإمام ابن القيّم -رحمه الله-
في “الفوائد” (ص٢٠٠) : «للْعَبدِ بَين يَدي الله موقفان: موقفٌ بين يديه فِي الصلاة، وموقفٌ بين يديه يوم لِقَائِه ؛ فمن قام بحق الموقف الأول، هوّن عليه الموقف الآخر، وَمن استهان بهذا الموقف وَلم يوفّه حقّه شدّد عليه ذلك الموقف».
٣- ذكر الله تعالى : فذكر الله سبحانه يطمئن القلوب الحائرة والنفوس الشاردة ويرويها بالأنس والطمأنينة ، قال الله تعالى : ﴿ الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُم بِذِكْرِ اللَّهِ ۗ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ﴾
٤- قراءة القرآن الكريم : فالقرآن حياة للقلوب ورواء للروح لقوله عزوجل : ﴿ وَكَذَٰلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحًا مِّنْ أَمْرِنَا ۚ مَا كُنتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلَا الْإِيمَانُ ﴾.
والقرآن له تأثير على القلوب والأرواح والنفوس وله لذة في الاسماع والقلوب كما قال العلامةُ ابنُ القيِّم – رحمه الله – في “روضة المحبين” (ص٢٦٧) : ” المحبُّون لا شيء ألذَّ لهم ولقلوبهم مِن سماع كلام محبوبهم ، وفيه غاية مطلوبهم ؛ ولهذا لم يكن شيءٌ ألذَّ لأهل المحبَّة مِن سماع القرآن ..”.
٥- التسامح مع النفس : فالتسامح له دور لا يستهان به من خلال منح النفوس السكينة لقبول الأشياء التي لا تملك تغيرها والشجاعة لتغير الأمور التي تقدر على تغيرها.
والتسامح مع النفس سبب من أسباب سعادة القلوب وهو السبيل العظيم لتحقيق التسامح الداخلي والرضا عن الآخرين والعفو عنهم وعدم الحقد عليهم .
لا يحمل الحقد من تعلو بهِ الرتبُ
ولا ينال العلى من طبعهُ الغضبُ
٦- مخالطة السعداء : فقد يكون شخص من السعداء مقرب منك لا تشعر بسعادتك الا بقربه ؛ والحديث معه ، مما يعكس أثر ذلك على النفس فتشعر بإرتوائها وأنسها ، فأحرص على مخالطة الأشخاص السعداء دائماً المرحيين والمفعمين بالحياة فإنهم سبب لتجديد طاقة النجاح والسعادة لديك وكما قيل :
” وجالس جَميل الرّوح .. تُُصبكَ عدوى جمَالهِ “
فمجالسة الصالحين والسعداء والمصلحين رواء للروح وطمأنينة لها ؛ ورحم الله الإمام الشافعي حين قال:
أُحِبُّ الصالِحينَ وَلَستُ مِنهُم
لَعَلّي أَن أَنالَ بِهِم شَفاعَة
وَأَكرَهُ مَن تِجارَتُهُ المَعاصي
وَلَو كُنّا سَواءً في البِضاعَة!
🔘إضاءة :
اللهم أرزقـنـا سـعـادة الـقـلـب وطـمـأنـيـنـة الـنـفـس وسكينة الـروح ومجالسة السعداء ومحبة الصالحين .
منى الشعلان
مقالات سابقة للكاتب