يجتهدون في التلفيق و تزوير الحقائق و خداع الناس لأهداف غير مشروعة ، بقصد التشويه و الانتقام و إيقاع الأذى و إلحاق الضرر بالغير.
هؤلاء المفبركون و صناع الكذب قد ماج بهم السهل و الجبل ، و توالدوا بشكل مرهق لكل شريف يتلمس دروب الصدق و الأمانة في حياته.
فكم من سمعة مزقها هؤلاء المرتزقة بمخالب الفبركة و نقل صور باهتة للمنافسين و الخصوم كيداً و حسداً من عند أنفسهم ، و كم من أمانة ضيعت ، و كم من حقوق ضيعت و أهدرت على طريق الارتقاء على أكتاف الآخرين.
هم يعيشون زمن الاستهلاك و تعظيم اللذة و الأنا المفرطة ، و الاستخفاف بكل القيم الأخلاقية التي أخضعت للمعيار المادي المصلحي البحت ، فالكذب أصبح ذكاء و “دبلوماسية” ، و الصدق تهوراً و إضاعة للمصالح ، و الصراحة و الشفافية دروشة ، و هذا جنوح مفرط لفقد و انتهاك وشائج المجتمعات الإنسانية.
هذه الصورة القاتمة فائقة التشويه جاءت نتيجة طبيعة لذلك الانفصام المقيت و الفجوة العميقة بين ما يتعلمه الأفراد في دور التربية من قيم الصدق و العدل و الأمانة و النزاهة و الشفافية ، و بين الواقع الذي يمارسونه و يعيشونه خارج أسوار هذه المحاضن.
و مما يزيد عمق هذه الفجوة أن الإعلام المعاصر بكافة صوره و أشكاله (إلا من رحم ربك و قليل ما هم) يكرس لصورة نمطية تتمثل في تمجيد من يلتزم هذه الأخلاق طالما أن مصالحه ستحقق ، و يتجاوز الأخلاق و الفضيلة و يقصيها إذا شعر أن هناك تهديداً لمصلحة في ظنه أنها قد لا تتحقق إلا بالتخلي عنها ؛ (فالصدق ليس فضيلة إلا إذا نفعك ، والكذب ليس رذيلة إلا إذا ضرك).
هم يعيشون بيننا و يتنفسون هواءنا و يقاسموننا معيشتنا .. فهل أنت من هؤلاء؟
محمد سعيد الصحفي – الكلية التقنية بجدة
مقالات سابقة للكاتب