نعم الله التي أسبغها علينا كثيرة ، قال تعالى:( وإن تعدوا نعمة الله لا تحصوها ) ، نعمُ تترى لا نشعر بالكثير منها ونعجز عن إحصاءها فكيف بشكرها.
الإنسان في ظل بقاء النعم ودوامها قد يفقد هذه المعاني العظيمة ، والعطايا الجسيمة ؛ فلا يشكر الله على النعم ، فتكون في حقه حجج ونقم ، وقد يعصي الله ويكفر نعمه ولا يشكرها ؛ فيبوء بالخسران العظيم ، وينال العذاب الأليم ، وقد قال سبحانه وتعالى :( وإذ تأذن ربكم لئن شكرتم لأزيدنكم ولئن كفرتم إن عذابي لشديد).
إن ماحدث لعبدالله إبن أخي لعبرة عظيمة لمن يعتبر ، ففجأة وبدون مقدمات يفقد القدرة على الحركة في الجزء الأيمن ويفقد معها القدرة على النطق.
الشعور بهذه التداعيات الصحية السلبية التي سماها الأطباء ( إلتهاب السحايا) مؤلم لأحباء عبدالله ، فكيف بشعور عبدالله صاحب الألم و المعاناة الصامتة؟!!.
اليوم ثار عبدالله على كل شيء ونزع بقوة أنبوب الغذاء من أنفه ونزع أنبوب الدواء من يده.
يريد أن يستعيد عافيته سريعاً ، يريد أن يتكلم ويريد أن يقوم دون مساعدة من أحد ، يريد أن يمشي بكل حرية دون أية قيود تثقله وتكبله.
هنا وعند هذا الحد كانت تلك التداعيات الصحية السلبية والتجليات المرافقة لها بمثابة الشعرة التي قصمت ظهر البعير وكانت ( الصدمة) لعبدالله ، فعقله البريء ومشاعره المتقدة الحساسة لازالت غير مستوعبة تلك الصدمة وترفض أن تتأقلم معها.
إن ما يحتاجه عبدالله وأي مؤمن يقع في مصيدة مثل هذه الحالات الصادمة هو اليقين والصبر ، واحتساب الثواب والأجر ، مهما طال البلاء ومهما تأخر الشفاء.
إن المؤمن الذي يحتسب ما يصيبه من أمراض وهموم وأحزان ، ويصبر على المعاناة والمشاق والفقدان ، ويحسن الظن بربه الرحيم الرحمن ؛ في الدنيا يجد الطمأنينة والدواء ، والرضا والشفاء ، وفي الآخرة ينال الأجر العظيم والثواب الجزيل.
فيجب على عبدالله وأحبائه وكل مؤمن أصابته أي مصيبه أن يحسن ظنه بربه ويصبر فيه ويتوكل عليه ويرمي كل عبء يثقله على خالقه الذي أمره بين الكاف والنون وهو قادر على تغيير الموازين وبيده الشفاء والحلول الجذرية لكل معضلة مهما كانت صعوبتها ومهما بلغت درجة تعقيدها.
قلوبنا يحدوها الأمل بشفاء عبدالله عاجلاً غير آجل ، ومحسنين الظن برب العالمين وقلوبنا مع عبدالله حتى يصل لبر الأمان والشفاء بإذن الله.
نوار بن دهري
[email protected]
مقالات سابقة للكاتب