شعورك العظيم،، لا يهمني!

‏كتبت غادة السمان لغسان كنفاني:
“أعلم أنك تفتقدني، لكنك لا تبحث عني، وإنك تحبني ولا تُخبرني، وستظل كما أنت، صمتك يقتلني”
‏فرد عليها غسان:
“ولكنني متأكد من شيء واحد على الأقل، هو قيمتك عندي، كل ما بداخلي يندفع لك بشراهة، لكن مظهري ثابت”
‏فكتبت له غادة:
“لا يعنيني شعورك العظيم الذي تكنهُ لي، إنْ كنت تتصرف على عكسه تماماً”
بصرف النظر عن الإطار الذي يضم شتات هذه الحكاية، وفضلاً عن مدى صحتها، لكن بالنظر في أكثر أحوالنا؛ يبدو أننا مصابون بالزهد في التعبير عن مشاعر الود والتقدير، بل سبَّاقوُّن إلى منْح مشاعر النقد والملاحظات السَّامّة مساحةً أكبر من غيرها؛ فنجد أعين كلماتنا تقع على معايب ونواقص غيرنا، أكثر من نُطْق ألسنة حروفنا بالثناء والتقدير للجوانب المضيئة.
إننا إنْ حملنا أنفسنا على رؤية جوانب الفضيلة والجمال في غيرنا؛ سيمنحنا جمالاً روحياً لم تعهده نفوسنا من قبل؛ ذلك أنَّ التعبير عن المشاعر من خلال المنافذ الصحية، كالعلاقات السليمة؛ يُقلِّل من التوتر، بل ويُعزز الصحة العقلية والنفسية، في المقابل نجد أنَّ الكتمان وكبْح المشاعر؛ يزيد من التوتر والأذى النفسي لصاحبه، بل يتعداه إلى غيره.
إن التعبير عن مشاعر الود تجاه الآخرين قرار أخلاقيّ، وفضيلة سامية، فلا يكفي أن تشعر بعاطفة ودٍّ وتزهد في التعبير عنها بكلماتٍ محددة ومُعبُّرة، إذْ لابد أنْ تقترن تلك المشاعر بالأفعال والأقوال.
فلا يمتلك القدرة على منْح تلك المشاعر إلَّا من تحلّى بالشجاعة، بل أنّ بذْل العاطفة الطيبة هي الصورة الأمثل لنُبْل الإنسان وصدقه.

سليمان مُسْلِم البلادي
solimanalbiladi@

الحلقات السابقة من روشتة وعي

2 تعليق على “شعورك العظيم،، لا يهمني!

Fatimah Al-Sharif

ستاذ سليمان ممن يكتبون عن الوعي ومشاعر البشر بحكمة وبصيرة عجيبة …أجدها فقط في كتابات الفلاسفة والحكماء قديما…
فماذا عساني جميعا أن نكتب عندما ينكسر القلم وتضيع الكلمات في جوف المحن …؟؟؟؟

سليمان مُسْلِم البلادي

شكرًا جزيلاً ا.فاطمة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *