“إنا لله وإنا إليه راجعون”
اللهم أجُرْني في مصيبتي ، واخلف لي خيراً منها ..
خرجت من صلاة الجمعة كعادتي ، ومع أبنائي ، وأخذنا غداءنا ، متوجهين لبيت الوالد – رحمه الله – والوالده – أطال الله عمرها في طاعته ، حتى نتناول معهم طعام الغداء ، وهذه عادتنا منذ سنين ، كل جمعة ؛ لم أعلم عن أي حدث ، أو مرض ، أو شئ مخيف على الوالد، بل عادته يتجهز لصلاة الجمعة ويأخذه أحد أبنائه للمسجد ، ولكنه ،لم يدرك هذا اليوم صلاة الجماعة ، فقد وافاه الأجل وهو متجهز للجمعة ؛ اقتربت من البيت ، دخلت ، تفاجأت بمن بالداخل بعض الإخوة والجيران ، ما الذي حدث، ما الخبر ، فيقول لي أحدهم ( عظم الله أجرك في والدك ) خبر كالصاعقة ، على قلبي ( إنا لله وإنا إليه راجعون ) دخلت الغرفة ، فإذا ذلك الجسد ، الذي كان يرحب بي كل جمعة ( أهلا وسهلا بالشيخ ) ممدداً على الأرض ، وقد كان على كرسيه ، يرحب بناء ، فانكببت على جبنيه مقبلا وباكياً ، ذلك الجسد الذي طالما احتضنني ، وحملني ، وحرم نفسه وأطعمني ، ذلك الجسد ، الذي تحمّل المشاق والتعب من أجلنا ، رحماك ربي – اربط على قلوبنا – مات ذلك السند ، الذي كنت أتّكِئ عليه ، أعتز بمرافقته ، أشاوره في أمورى ، أتعلم منه تجارب الحياه ، انقطع ذلك الصوت الذي كان ينادين بالشيخ ، غابت تلك الابتسامة التي تفرحني ، برضاه عني ، انقطعت تلك الدعوات التي ؛ تطرق مسامعي ( اذهب ياولدي الله يوفقك ) ( انتبه لنفسك ) واخسارها ، أغُلق بابُ برٍ إلى الجنّة ، لكن لعلنا ،ندرك مابقي من برّه بعد وفاته ، رحل المكافح ، العطوف ، الذي طالما تعلمنا منه ، كيف العطف والرحمة ، والبذل والعطاء ، للآخرين رحماك ربي ، غاب ذلك الصوت ، الذي كان يمازحنا به ، ويمازح أحفاده ، حتى حبه الصغير ، والكبير ، وحزنوا على فراقه لم تفارق مسمعي ، تلك العبارة التي ، كان يرددها ( الله كريم ) نعم إنه كريم ، فيا ربي ، كان عبدك ( محمد ) ينعتك بالكريم وأنت الكريم ، فأكرم وافادته ، ووسع مدخله ، واجعل قبره روضة من رياض الجنة ، صبًرت أمّي وإخوتي ، فاسترجعت ، وقالت ، غادر أبوك ، وتركنا ، فقلت : اصبري واحتسبي يا أماه !
إن العين تدمع ، والقلب يحزن ، ولا نقول إلا ما يرضي الرب، وإنا لفراقك يا أبتاه لمحزنون .
اللهمّ اعف عن أبي ، فأنت القائل “ويعفو عن كثير”، اللهمّ إنّه جاء ببابك، وأناخ بجنابك، فَجُد عليه بعفوك، وإكرامك، وجود إحسانك، اللهمّ إنّ رحمتك وسعت كلّ شيء، فارحمه رحمةً من عندك يا أرحم الراحمين .
وشكر الله لكل من واسانا ، ولا تنسوه من دعوة صادقة ، ونسأله تعالى أن يجمعنا وإياه في الفردوس الأعلى من الجنة .
د.صلاح محمد الشيخ
مستشار أسري وتربوي
مقالات سابقة للكاتب