الحمد لله على قضائه وقدره ( وإنا لله وإنا إليه راجعون ) والحمد لله على بلوغ شهر رمضان ، وأسأله تعالى أن يعيننا على الصيام والقيام ، ويتقبله منا ..
عجبا لأمر هذه الدنيا ، في وقت واحد ، تقدم للإنسان التعزية ، ويبارك له ، نعم ، هذه هي الحياة
بين أفراح وأحزان ، لكن من السلوى أن المؤمن ، أمرُه كلُّه له خير ،كما قال عليه الصلاة والسلام : ( عَجَباً لأمْرِ الْمُؤْمِنِ إِنَّ أَمْرَهُ كُلَّهُ لَهُ خَيْرٌ، وَلَيْسَ ذَلِكَ لأِحَدٍ إِلاَّ للْمُؤْمِن: إِنْ أَصَابَتْهُ سَرَّاءُ شَكَرَ فَكَانَ خَيْراً لَهُ، وَإِنْ أَصَابَتْهُ ضَرَّاءُ صَبَرَ فَكَانَ خيْراً لَهُ. رواه مسلم.
صلينا التراويح أول ليلة من رمضان ، وبعدها انكب الناس ،عليّ ؛ بين من يُعزّي ، ويُهنّئ برمضان ، وبين محتار وهو يسمع تعزية وتهنئة في نفس الوقت ، ويتساءل ، ماذا حدث ، فتراه ينشرح وهو يهنّئ ، ثم يلفظ التعزية بردة فعل يشعر أن فيها حزن ومصاب ، وكأن لسان حاله يقول كيف نجمع بين حزن وفرح ..
عُدت إلى ذاكرتي ، ونحن ندعو الله أن يبلغنا رمضان ، وكثير من الناس لم يُبلّغ رمضان ، ومنهم والدي – رحمه الله – وأسكنه فسيح جناته ، فابن آدم إذا مات انقطع عمله ، إلا من ثلاث : كما أخبر الصادق المصدوق – صلى الله عليه وسلم ( من صدقة جارية ، أو علم ينتفع به ، أوولد صالح يدعو له ) رواه مسلم
لذا احمدوا الله تعالى أن بلغكم رمضان ، وسارعوا في التقرب إليه بصالح الأعمال
رحماك ربي ، دخل رمضان ، وأجاهد نفسي
أن أنسى في أول ليلة من رمضان ، في كل عام ؛ وأنا أبارك للوالد – رحمه الله – بدخول شهر رمضان ، عمودان للأسرة ، الوالد و الوالدة ..
سقط أحدهما ، لكن سقوطه ، كان مفاجئاً ، بدون سابق إنذار ، والحمد لله على قضائه وقدره ، والذي أثر في نفسي أكثر ، أول ليلة من رمضان ، عندما اجتمعت الأسرة على الإفطار ، والكل ينظر ويتأمّل ويتذكر ، هناك في صدر المجلس ، كان عميد الأسرة ، جالس ، ينتظر موعد الإفطار ، رحماك ربي ، مشاعر لازالت تلازمنا ، لأن الحدث ، قريب ، والأمر جليل ، فما أمامنا إلا الدعاء له ، لعل الله يتقبله في الصالحين ، ويجعله من الفائزين .
من هذا الحدث الجلل ، فإني أوصي الشباب ، من كان أبوه حياً ، فاليلزم غرزه ، وليكن بجانبه ، يبرّه ويطيعه ، يشعره بالاهتمام والاحترام والتقدير ، يبين فضله عليه وإحسانه ، وأنه أعظم من كل أحد ، لا يسمع منك ما يجرح مشاعره ، أو يؤذي سمعه ، اجعل كلامك معه ، مدحاً وثناء،وتعاملك ، عطفاّ ورحمة ؛ واجعل أباك ، راض عنك ، يلهج بالدعاء لك بالتوفيق والسداد ..
رزقنا الله وإياكم بّر آبائنا وأمهاتنا ، أحياء وأمواتا .
د.صلاح محمد الشيخ