لقد جعل الله لنساء النبي ﷺ مكانة خاصة في ديننا وذكرهن في القرآن الكريم فقال عزوجل عن أمهات المؤمنين رضي الله عنهن : {يَا نِسَاء النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِّنَ النِّسَاء } .
ومن أعظم نساء النبي ﷺ أم المؤمنين خديجة بنت خويلد وزوجة النبي ﷺ وأم أولاده ماعدا ولده ابراهيم.
فمن هي خديجة رضي الله عنها ؟
هي خديجة بنت خويلد بن أسد القرشية ، وأمها فاطمة بنت زائدة العامرية ، وكنيتها (أم القاسم).
لقبت في الجاهلية بالطاهرة وهي أشرف نساء قريش نسبًا وأول زوجات النبي عليه الصلاة والسلام وهي أول امرأة تدخل الإسلام، وقد تزوجت خديجة رضي الله عنها من رجلين وتوفيا قبل رسول الله عليه أفضل الصلاة والسلام .
وكانت السيدة خديجة رضي الله عنها امرأة جميلة شريفة غنية عاقلة وحكيمة .
سمعت السيدة خديجة رضي الله عنها بأمانة الرسول ﷺ وصدق حديثه وكرم أخلاقه فطلبته في تجارة لها ، فخرج رسول الله ﷺ بتجارة خديجة رضي الله عنها مع غلامها وأُعجبت بأمانته وما بلغها عنه من الأخلاق الرفيعة التي ذكرها لها غلامها ميسرة ، فطلبت السيدة خديجة رضي الله عنها من الرسول ﷺ الزواج وقد كان عمرها آنذاك أربعين سنة وكان عمر الرسول ﷺ ٢٥ سنة ، وأنجبت منه أربعة بنات وهن: زينب وفاطمة ورقية وام كلثوم ، وأنجبت ولدين هما عبدالله والقاسم، وهي أول من آمن بالنبي ﷺ وصدقته عندما نزل الوحي وواسته عندما جاء إليها من غار حراء يرتجف وقالت له :(أبشر فإن الله لن يخزيك أبداً، إنك لتصل الرحم، وتكسب المعدوم، وتقرئ الضيف، وتعين على نوائب الحق)، بالإضافة إلى ذلك، كانت السيدة خديجة تتّصف بالكرم، والإحسان للفقراء والمحتاجين، وكانت امرأة صابرة على الأذى، حيث نصرت رسول الله ﷺ وخففت عنه عندما كذّبه أهل بيته، فتحملت مع النبي ﷺ أشد أنواع العذاب، وكانت أكثر الناس دعماً للإسلام والمسلمين، حيث كانت تبذل جهدها، وتنفق مالها في سبيل الله، فعندما بدأ بالدعوة كانت خديجة الملجأ.. كانت الملاذ بعد الله إذا كثرت الهموم ونزفت الجراح، فظل عليه الصلاة والسلام يذكرها من أعماقه قائلاً: “آمنت بي إذ كفر بي الناس، وصدقتني إذ كذبني الناس، وواستني بمالها إذ حرمني الناس” وقد ظلت رضي الله عنها حتى آخر أنفاسها صاحبته المثالية وزوجته المخلصة ومصدر الدعم له .
توفّيت أمنا السيدة خديجة رضي الله عنها في شهر رمضان من السنة العاشرة بعد البعثة، وكانت قد بلغت من العمر حينها خمساً وستين سنةً، ودُفنت في مقبرة الحُجون، وقد دفنها الرسول ﷺ ،وكان ذلك بعد وفاة عمّه أبي طالب بمدةٍ قصيرةٍ، وسمّي ذلك العام بعام الحزن؛ لما كان فيه من تتابع الأحزان على النبي ﷺ بموت عمّه ثمّ زوجته.
ومن أعظم فضائلها انها بشرت بالجنة كما في حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال:” أتى جبرائيل إلى رسول الله ﷺ فقال يا رسول الله: هذه خديجة قد أتت معها إناء فيه إدام – أو طعام أو شراب – فإذا هي أتتك فاقرأ عليها السلام من ربها ومني، وبشرها ببيت في الجنة من قصب لا صخب فيه ولا نصب” .
وقد تربعت السيدة خديجة رضي الله عنها في قلب رسول الله ﷺ حتى قال عنها : “إني قد رزقت حبها ” ، مما جعل بعض زوجات النبي ﷺ يغرنّ منها كما جاء عن السيدة عائشة رضي الله عنها أنها قالت : “ما غرت على أحد من نساء النبي ﷺ ما غرت على خديجة – وما رأيتها – ولكن كان يكثر ذكرها، وربما ذبح الشاة فيقطعها أعضاء، ثم يبعثها في صدائق خديجة”، فربما قلت: كأنه لم يكن في الدنيا امرأة إلا خديجة فيقول: “إنها كانت وكانت وكان لي منها ولد”..
هذي خديجةُ‘ نَبْضُ قلبٍ لم يَزَلْ
يأْوي إليه المصطفى ويَشِيْدُ
********
فرشتْ له قلباً كأنَّ حنانَه
ظِلٌّ على خير الأَنامِ مَدِيدُ
********
كَمُلَتْ خديجةُ في النِّساءِ ‘وإنَّه
لَكَمالُ مَنْ يسمو به التوحيدُ
تلكم هي أم المؤمنين خديجة رضي الله عنها ،وتلك هي ذكراها في قلب نبينا عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم .
🔘إضاءة :
ثبت من حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله ﷺ : “خير نساء العالمين أربع: مريم بنت عمران، وآسية ابنة مزاحم امرأة فرعون، وخديجة بنت خويلد، وفاطمة بنت محمد”.
منى الشعلان
مقالات سابقة للكاتب