في كل عام تبرز لنا جوهرة ثمينة ، يحرص عليها ، من عرف قدرها ، واستشعر قيمتها ، وحرص على بريقها وصفائها ..
جوهرة ، تطلبها ؛ العقول النيرة ،وتتفرغ من أجلها الأبدان المخلصة ، إن سألت عن زمانها ، فهي في أشرف زمان ، ، هذه الجوهرة ، أعدّها المولى الكريم ، وحث عليها الرسول الكريم – صلى الله عليه وسلم -، بل قُدرت بأغلى ثمن ، وصل ما تحويه من لآلئ، إذا حصلت عليها ،وكانت من نصيبك ، كأنك عملت جاهداً ليلة الحصول عليها ، ما يقارب جهدك وعملك لعمر يتجاور ٨٣ سنة ، ، يا عجباً لهذه الجوهرة ، المتجددة ، التي تدور بدوران العام ، في زمن فاضل ، هذه الجوهرة ، في رمضان ، وفي العشر الأواخر منه بالتحديد ، وبالأخص في ليالي الوتر منها ، وأخص الأخص ، ليلة السابع والعشرين منها ، أكيد عرفتم هذه الجوهرة ، نعم إنها ( ليلة القدر ) وما أدارك ما ليلة القدر ..
هذه الليلة الثمينة ، التي يتحرّاها رسولكم – صلى الله عليه وسلم – في كل رمضان ، ويتفرغ من مشاغل الدنيا من أجلها ،بل ويعتكف طلبا لها ، ويشدّ المئزر ويحيي ليله ويوقظ أهله من أجلها ، إنها ليلة مباركة ، جعل الله لها مزًية ، خاصة ، اختصت بوفود الملائكة والروح ( جبريل عليه السلام ) بالنزول فيها ، من قامها إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه كما أخبر المصطفى – عليه الصلاة والسلام –
هذه الجوهرة التي لاتقدر بثمن ، والتي تولى ثمنها مولاها ، فأي ثمن بعد هذا ،
عملٌ فيها ( خير من ألف شهر ) ما أغلى الثمن ، وما أجود السلعة ، فأين الطالبون لها ، وأين المشمرون من أجلها ، بالإمكان
أن ينالها ، الغني والفقير ، والرئيس والمرؤوس ، والرجل والمرأة ، سلعة متاحة لكل من دفع مهرها ، واعتنى بها ، فمهرها قيامها إيماناً واحتساباً ، إيماناً صادقاً بها
وثقة بالله في حصول أجرها ،
لهذا جاء التوجيه النبوي الكريم بقوله – صلى الله عليه وسلم – ( تحرّوا ليلة القدر ..) فما معنى تحرًوا ( الحرص على إداركها بالعمل الصالح ، من صلاة وقيام وذكر وتسبيح ، وقراءة قران ، وتضرع ودعاء ، بغية نيل أجرها ، فتكون الغيمة الكبرى ، والفوز العظيم ، ومغفرة ما تقدم من الذنوب ،
فالبدار ؛ البدار في السعي لغنيمة هذه الجوهرة ( ليلة القدر ) والحرص على قيامها والاجتهاد فيها بصالح العمل ، مع سؤال الله تعالى بالتوفيق لها ، وأن يجعلنا من أهلها ، ويتقبل منّا ، ويعتق رقابنا ورقاب أبائنا من النار .
د.صلاح محمد الشيخ
مستشار تربوي وأسري