تعتبر صلة الرحم من أهم ركائز الإسلام، وعبادة عظيمة يُتقرب بها إلى الله تعالى، وهي من الأمور الواجبة التي فرضها الله على عباده المؤمنين، وقد حث عليها الشارع الحكيم؛ لما لها من منافع عديدة، تعود بالخير والسعادة على الفرد، والأسرة، والمجتمع.
وتكمُن أهمية صلة الرحم في أن الله – عز وجل -، قرن بين تقواه – سبحانه -، وبين صلة الرحم، في قوله تعالى: (وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ)، كما أنه – عز وجل – حذر من قطيعة الرحم، وتوعد من يقطع رحمه، بالطرد من رحمته تعالى، كذلك حث الرسول – عليه الصلاة والسلام – على صلة الرحم، ورغب فيها، وبين الأجر والثواب الجزيل في الدنيا والآخرة لمن وصل رحمه، ثم إنه – عليه الصلاة والسلام -، أخبر أن صلة الرحم سبب في بسط الرزق، وطول العمر، والبركة فيه، فقال – عليه الصلاة والسلام -: (من أحب أن يبسط له في رزقه، وينسأ له في أثره، فليصل رحمه)، وصلة الرحم لا تقتصر على وصل من وصلك فقط، ولكن الواصل الحقيقي هو من يصل أرحامه الذين يقطعونه، والأرحام هم: الأقارب من جهة الأب، أو من جهة الأم، يجمع بينهما نسب من غير تفريق بين رحم مَحْرَم، أو رحم غير مَحْرَم.
وكثير من أفراد المجتمع مضيعون لحق صلة الأرحام، ومفرطون فيه، بل إن بعضهم يقدم غيرهم من الناس على أرحامه في الصلات، التي هم أحق بها، فيصل البعيد، ويقطع القريب، فمن حقوق الأرحام: محبتهم، والإحسان إليهم، والدعاء لهم، ومساعدتهم في وقت الضيق والشدة، وذلك بالنفقة عليهم، وصلتهم مادياً؛ لأن في هذا تقوية لصلة الأرحام، وتدعيماً للتعاون، وتحسين العلاقات بالعفو، والصفح، والإيثار، كذلك من حقوقهم زيارة مرضاهم، واستضافتهم، وحسن استقبالهم، ومشاركتهم في أفراحهم وأحزانهم، وأيضاً التغاضي عن أخطائهم وزلاتهم، فإن التغاضي عن زلاتهم يطفئ فتيلة العداوة، والمشاحنة بينهم.
وصلة الأرحام كالشجرة الحانية الواسعة الظل، يستظل بها الأقارب، لجني ثمرات المحبة، والمودة، والألفة، وللشعور بالأمن، والأمان، والطمأنينة، ولتعزيز الترابط الأسري بين الأفراد، ليس هذا فحسب، بل إن الله تعالى يبارك للواصل في وقته، ويرفع ذكره الحسن بين الناس، وأيضاً تحصل البركة في ذريته، وتيسير الله له أموره، وتفريج كرباته، والرفع من درجاته وحسناته، فلنكن جميعاً من الواصلين للأرحام، الفاعلين للخيرات، الفائزين بالجنان.
د. سارة بنت إبراهيم الشهيل
عضو هيئة تدريس بجامعة الملك سعود
أكاديمية وكاتبة
مقالات سابقة للكاتب