نحتاج في حياتنا اليومية إلى الحوار الراقي والهادئ بعيدًا عن التعصب للتوصل إلى النتائج المرجوة منه ، لحل مشكلة ما ؛ أو توضيحها.
فلقد حث الإسلام على الحوار اللّين بين المسلمين كي تبقى أواصر الحب والرحمة قائمة بين الناس لقوله تعالى لسيدنا محمد صلى الله عليه وسلم : ﴿ وَلَا تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ ﴾ ، وقوله جل وعلا لسيدنا موسى وهارون عليهم السلام حين بعثهما إلى فرعون : ﴿ فَقُولَا لَهُ قَوْلًا لَّيِّنًا ﴾.
وقد كان رسول الله عليه الصلاة والسلام صبورًا ودودًا يتواصل مع الناس ويصبر عليهم ويقنعهم بالحجة القوية والبرهان الواضح .
وللحوار أهمية كبيرة في الإسلام فهو الأسلوب الأمثل في الدعوة الإسلامية من خلال إظهار الحق ومواجهة الباطل ويكون بالرفق واللين.
والحوار هو نوع من أنواع الخطاب الإنساني ويشمل كلٌ من الخطاب الديني والثقافي والاجتماعي ويكون عادة بين طرفين أو أكثر ، وقد ورد ذكر الحوار في القرآن الكريم في قوله تعالى: {قَالَ لَهُ صَاحِبُهُ وَهُوَ يُحَاوِرُهُ }.
وقوله سبحانه : {وَاللَّهُ يَسْمَعُ تَحَاوُرَكُمَا}.
ولكي يصبح الحوار ناجح وهادف ينبغي أن يكون هناك آداب للحوار وأن يلتزم بها الجميع حتى لا يحصل أي خلاف أو ضغينة بينهم ومن ذلك :
🔸الانصات الجيد وحسن الاصغاء .
🔸محاولة أستثمار كل نقطة من نقاط الحوار للخروج منها ببعض الفوائد .
🔸إيجاد الجو الهادئ والمناسب لإجراء الحوار .
🔸وضوح العبارات وسهولة الألفاظ .
وهذه سمة من سمات الأنبياء عليهم السلام في حوارهم مع أقوامهم ، وأكبر مثال في أهمية إتقان فن الحوار نستخلصه من قصة سيدنا موسى وهارون عليمها السلام، وذلك بعد ما أمر الله سيدنا موسى بالذهاب إلى فرعون بدعوة التوحيد ، فطلب من الله أن يرسل معه أخاه هارون لأنه كان فصيح اللسان ومتقن فن الحوار فقال الله تعالى على لسان موسى {وَأَخِي هَارُونُ هُوَ أَفْصَحُ مِنِّي لِسَانًا فَأَرْسِلْهُ مَعِيَ رِدْءًا يُصَدِّقُنِي إِنِّي أَخَافُ أَنْ يُكَذِّبُون}.
والحوار الناجح يقوم على اللّين واللّطف ، أمّا الجدال فتصحبه خصومة ونزاع .
والحوار ينقسم إلى قسمين :
– الحوار المحمود : وهو الذي توافرت فيه شروط وآداب الحوار لإيصال رسالة أو الوصول لحقيقة ، والأطراف فيه ملتزمون بالاحترام وتقبّل الآخر فهو حوار إيجابي.
– الحوار المذموم : وهو الذي لم تتوافر فيه شروط آداب الحوار ولم يلتزم أفراده بآدابه فهو سلبيّ لا جدوى منه سوى الخلاف والعناد وعدم تقبل الحق .
وفي الختام أختم مقالتي هذه بأن الحوار الناجح هو ما يتميز بالاحترام المتبادل بين المتحاورين ويظهر ذلك في عدة أمور منها إحترام وقته ومشاعره وعدم إذائه ويتميز بجودة الإلقاء وبمراعاة أحوال الطرف الآخر ، ولكي يصبح الحوار ناجحًا لا بد أن يتجرد من المصالح الشخصية .
🔘 نبضة :
اجعل شعارك عند كل حوار قول الإمام الشافعي – رحمه الله تعالى – :
(قولي صواب يحتمل الخطأ وقول غيري خطأ يحتمل الصواب ).
منى الشعلان
مقالات سابقة للكاتب