هو كالكرة تتقاذفها العائلة بالأقدام القوية والألسنة الحادة، حتى انه لم يسلم جسده من ضربة مؤذية موجعة منهم. ، لا رحمة لا حقوق خاصة أو عامة ، إهانة بمعنى الكلمة ؛ حتى إنه وصف حاله معهم أنه كالكلب تماماً .
يقدمون الضيافة للغرباء بمبالغ مالية باهضة ، مع ابتسامة عريضة كاذبة ، وينسون جوع هذا المسكين بين ظهرانيهم ، ويماطلونه في حقوقه ، فلا يستلم راتبه إلا بدموع حارة ، وذلة ظاهرة ، وعلامات تناقض وتعجب بارزة .
يُصلّون في اليوم والليلة خمس مرات ، ويتلون في كل ركعة ﴿الرَّحمنِ الرَّحيمِ﴾ [الفاتحة: ٣] يرجون الرحمة من ربهم ، ويمنعونها عن هذا اليتيم المسكين الغريب ، ظاهرهم النزاهه والعدل والكرم ، وباطنهم الجور والظلم والبخل.
إنني أتألم لهذا الظلم الذي يمارسونه على هذا العامل المسكين ، وكأنني المعني تماماً بهذه القضية ، كيف لا والرسول صلى الله عليه وسلم أمرنا بالتواد والتراحم والتعاطف مع المسلمين الذين يرزحون تحت مطرقة المسكنة والعوز والحاجة ، ويئنون تحت وطأة الهم والألم والحزن والفاقة ؛ حيث قال صلى الله عليه وسلم ( مثلُ المؤمنين في تَوادِّهم ، وتَرَاحُمِهِم ، وتعاطُفِهِمْ ، مثلُ الجسَدِ إذا اشتكَى منْهُ عضوٌ تدَاعَى لَهُ سائِرُ الجسَدِ بالسَّهَرِ والْحُمَّى).
وهؤلاء المساكين من الواجب علينا الاحسان إليهم ، والتعاطف معهم ، والسؤال عن أحوالهم ، وتلمس حاجاتهم ، فإنهم والله ما تركوا بلادهم وذويهم إلا من أجل العيش الكريم لهم ولذويهم ؛ فكم واحد منهم ترك خلفه اطفالا رضع وشيوخا ركع ينتظرون منه أن يرسل اليهم من الفتات الذي يتقاضاه في الغربة الشي القليل ليقاوموا به أمور الحياة الصعيبة التي تحاصرهم من كل جانب ، فاحذروا يا أخوتي كل الحذر من أن تظلموهم ، أو تؤخروا عنهم حقوقهم ، أو تكلفوهم فوق طاقتهم ، أو تغلظوا معهم في القول ، أو تجفوا معهم في المعاملة ، فإنكم والله مسؤولون عن كل صغيرة وكبيرة في شأنهم .
ايها الأخوة الأكارم لقد كان لكم في رسول الله اسوة حسنة ، وقد كان تعامله مع الخدم بالعطف واللين ، والاحسان والتوجيه ، وهو الذي قال عنه خادمه الصحابي الجليل أنس رضي الله عنه : ( خدمت النبي صلى الله عليه عشر سنين ، فما قال لي : إفٍّ قط ، وما قال لشئ لم أفعله : ألا كنت فعلتَه ؟ ولا لشئ فعلتُه لما فعلتَه ) ، وقد ساوى عليه الصلاة والسلام بين الخادم والاخ فقال صلى الله عليه وسلم : ( إخوانكم خولكم جعلهم الله تحت أيديكم ، فمن كان أخوه تحت يده فليطعمه مما يأكل ، وليلبسه مما يلبس ، ولا تكلفوهم ما يغلبهم ، فإن كلفتموهم فأعينوهم ).
ومعنى خولكم : أي خدمكم الذين يقومون على أموركم ويصلحون لكم شؤونكم.
وقد أمرنا أيضا عليه الصلاة والسلام أن نعطي الأجير حقه قبل أن يجف عرقه ، فيجب علينا أن نقتدي به في تعامله معهم ، فهو قدوتنا وأسوتنا.
نوار بن دهري
[email protected]
مقالات سابقة للكاتب