ومضات وتوقيعات

الإهداء:

* إلى أخي الشاعر أحمد عائل فقيهي…

      الذي يرقد فيي برزخ المرض… رفع الله ضُرَّه

* إلى (فاطمة/ أم وليد…

      رفيقة دربه، المؤمنة، المُحِبَّة، والصابرة..

         التي قاسمته رحيق العمر وحبر الأبجدية

            (كما قال عنها في إهداء ديوانه:

                    عشر مرايا لوجه واحد)

* وإلى الأبناء والبنات الساجدين شكراً لله

           على أبوة (أحمد عائل فقيهي)

    حفظ الله لكم جميعاً هذا الأب المعطاء

           وألبسه ثياب الصحة والعافية والهناء

 

(1)  فاتحة:

تتأبجد الحروف وهي تقارب المنجز النثري والشعري للكاتب/ الشاعر الصحفي/ الأديب أحمد عائل فقيهي – الذي يرقد في برزخه المَرَضِيِّ تحت عناية الله ورحمته – ذكرته اليوم – وكل يوم – فكتبت هذه الومضات!!

*     *    *

(2)  وذات شعر قال:

     ” لو كنت أعرف أنني سأموت

          قبل ميعاد موتي

     كنت زينت الحياة بلون حبري

     وأسدلت الستار على ما تبقى من حياتي

 

     لو كنت أدرك سرَّ سري

     كنت أبدلت اللحظة الأولى

        وغيرت مسار عمري

     كنت صقلت كل سهمٍ

     في طريق العمرِ

     وأبدلت بدوائر الظلمة والعتمة

     ضوء اليقين

     أبتغي درب الخلاص

     حيث لا مناص

     من بلوغ الذروة الكبرى

     في مشوار الحياة

      في مسار الحياة

النَّص كله يتمحور حول مفردة (لو),,, هذه الـ (لو) يقول عنها النحويون، أنها تفيد التعليق في الماضي أو المستقبل، وهي حرف النفي ويأتي ما بعدها للإثبات.. لو… كنت…

هنا.. في هذا النّص الشعري القصير – من ديوانه الأخير: (بكائية على صدر الزمان)، الصادر عام 2022م/1443هـ عن نادي الجوف الأدبي ومركز الأدب العربي للنشر – يتماهي أحمد فقيهي مع مفردة (لو) ، فيجعلها ثيمة يعلق عليها ما سيأتي بعدها.

لو عرف أنه سيموت قبل موعده/ لزين الحياة بلون حبره هذا الحبر/ المداد/ الشعر مناهض لفعل الموت ودافع له!!

لو أدرك سِرَّه/ لغير مسار عمره، وأبدل بالدوائر المظلمة والعتمة، ضياء اليقين.

هنا يتماهي أحمد عائل فقيهي بكينونته، ويتنامى بحركيته الداعية للتغيير والمناهضة للسكون والاستسلام، ويتجلى بشعريته التي تجعل منه إنساناً (بلغ الذروة الكبرى/ في مشوار الحياة)!!

نعم… هكذا أنت يا أبا الوليد قامة تتسامى وتناهض الموت والرتابة والسكون!! في عالم يستسلم للظروف!!

*     *    *

(3)  وقبل عامين أهداني كتابه النثري: (مسافر بين جيمين).. وحين قرأته وجدت أن الجيمين هما (ج) جدة، و(ج) جيزان. فأبو الوليد يتشظى حباً وانتماءً بين هاتين المدينتين!! ولكنه في الكتاب يسافر بنا (فقط) إلى (جيزان)، فيمنحها في الكتاب كل أنينه وحنينه وذكرياته.. يمنحها كل طفولته وكهولته وأساه.. ويمنحها كل روحه وصفائها وبكائه ونحيبه على ماضيها وحاضرها.

أما (ج) جدة… فعلى استحياء تجيء في مقالة واحدة (أنين جدة وحنين حمزة شحاتة) ص ص112-115، ولكنها – بكل تأكيد – تسكنه حد الهيام، وتستهويه بأمسياتها الصحافية والثقافية والشعرية، وتربطه ببحرها ورطوبتها وفضاءاتها أجمل اللحظات والأمسيات والانطباعات!!

هذا الكتاب منحني الكثير من المشاعر الإيجابية، فلغته شاعرية، وأسلوبه بلاغي بلا حدود. يقول (مثلاً):

“أيتها السمراء..

     فيك حرقة البن.. والرمل الذي يعبق “جيزانياً” وتنحني من أجله العواصف والرياح.. وترتقي من أجله هذه الأرض.. قصيدة حرفها لون السماء.. وحروفها بعض من أنفاسك وأنفاسها” ص135!!

ويقول:

“كأنني لم أغادرها.. أو كأنها لم تغادرني، أو كأني إذ أخرج منها تدخل فيَّ.. تزرعني فلة في رديمة الذكرى، أفتح باب الغرفة فأجدها تقف كقامة النهار، تحمل حضورها في زمن الغياب، ولا تغيب إلا لتحضر في الذاكرة والوجدان” ص100.

أحمد عائل فقيهي يكتب (النثر) كما يكتب (القصيدة). الشعر يملأ إحساسه، ونبضه وكل حبره وتفكيره، فتأتي عباراته وجمله النثرية على هيئة نصوصٍ شعرية، وقوافٍ جمالية.

افتقدت حروفك يا أبا الوليد… ولكن مجدك الشعري حاضر في مكتبتي

منذ: صباح القرى.. وحتى بكائية على صدر الزمان.

أذكر أنني قدمت ديوانه الأول الصادر عام 2018م عن نادي الرياض الأدبي الموسوم بـ: صباح القرى. كما أذكر أنني أشرفت على مراجعة ومتابعة كل منجزاته الشعرية حباً وصداقة لهذا الرمز الشعري السعودي، الذي لم يأخذ حقه من الدرس والتدوين النقدي.. ولعلِّي أذكر أساتذة الأدب والنقد في جامعاتنا، أن يوصوا طلاب الدراسات العليا أن تكون هذه المدونة الشعرية حاضرة في أطروحاتهم ورسائلهم العلمية!!

*     *    *

(4)  وأخيراً فإن لهذا الرجل – الذي أقعده المرض حتى يومنا هذا – مسيرة أدبية وصحافية حافلة بالإنجاز والعطاء – أرجو أن يصل صداها للمسؤولين في وزارة الثقافة، ووزارة الإعلام، ويقفوا بجانبه تطبيباً وتأهيلاً في أرقى المشافي المحليَّة أو العالمية، فهو رمز وطني قدم بلاده ومليكه وأمته من خلال قلمه وحبره وأفكاره وأشعاره.

يقول في نص وطني:

” بين بحر وسهل وهضاب

  بين رمل وشعاب

     وطني جنَّة… وتغاريد عِذاب

 وطني أنجم

   يرتقي فوق السحاب

يكتب المجد حرفاً

   ذهبياً في الكتاب

   وطني جار النجوم/ وصديق للغيوم

  نبضه ضوء النهار/ ومنار وفنار

        وطني فوق السحاب”

من ديوان: سماء بعيدة وضوء شحيح ص ص70-71

*     *    *

وختاماً:

أيها المورق حباً وعطاءً

وامتداداً أخضراً يهمي…

     وعنقود جمال باذخ..

ها أنا أصطفي منك غيماً…

             وربيعاً مورقاً..

               وفضاءً سندسياً..

ها أنا أرتوي من رحيق العناقيد

         وأمضي…

     غارقاً في التيــــــــه..

         أستسقي نبوءات الصحابه!!

دمت خلاً لوذعياً..

        وأخاً يجلو تباريح الكآبه!!

 

من قصيدة لي لم تنشر بعد،

إهداءً لهذا الرمز الشعري والصحفي

أحمد عائل فقيهي

 

جدة _ مساء الثلاثاء 21/11/1445هــ

✍️ يوسف حسن العارف

 

 

 

مقالات سابقة للكاتب

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *