إنها الأيام الفاضلة وأفضل أيام الدنيا ؛ وموسم عظيم للطاعة ؛ بين موسمي رمضان والحج ، ولعظم شأنها وفضلها ومكانتها أقسم الله تعالى بها في كتابه الكريم في قوله عزَّ وجلَّ {وَالْفَجْرِ* وَلَيَالٍ عَشْرٍ} .
قال الإمام ابن كثير – رحمه الله – في «تفسير القرآن العظيم» (8/413) : (والمراد بها عشر ذي الحجة).
وقد فضّلها الله تعالى على غيرها من سائر الأيام ، ففي الصحيحين من حديث عبدالله بن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ما من أيام العمل الصالح فيهن أحب إلى الله منه في هذه العشر ؛ قالوا: ولا الجهاد في سبيل الله!! قال: ولا الجهاد في سبيل الله ؛ إلا رجل خرج بنفسه وماله ولم يرجع من ذلك بشيء).
عَشرٌ تَجَلَّت وَالزَّمَانُ تَعَطَّرَا
وَالكَونُ جَلجَلَ بالأذَانِ وَكبَّرَا
وَالنَّفسُ تَاقَت لِلصَّلَاحِ وَلِلتُّقَىٰ
فِي العَشرِ إنَّ الخَيرِ هلَّ وَأمطَرَا
ويستحب للمسلم الإكثار من الأعمال الصالحة في هذه العشر المباركة ومن ذلك:
* التوبة إلى الله تعالى: فيستقبل المسلم هذه العشر بتجديد التوبة والمبادرة بالإقلاع عن جميع الذنوب والمعاصي والندم عليها والعزم على عدم العودة إليها مرة أخرى امتثالاً لقوله تعالى: {وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ}.
خُذْ مِنْ شَبَابِكَ قَبْلَ الموتِ والهرَمِ
وَبَادِرْ التَّوْبَ قَبْلَ الفَوْتِ والنَّدَمِ
وَاعْلَمْ بِأنَّكَ مَجْزِيٌّ وَمُرْتَهَنٌ
وَرَاقِبِ اللهَ واحْذَرْ زَلَّةَ القَدَمِ
* الصيام: وهو من الأعمال الصالحة والمستحبة في هذه العشر ؛ قال الإمام النووي – رحمه الله – في «المنهاج» (8/320): (صيامها مستحبٌ استحباباً شديداً).
ولا سيما صيام يوم عرفة الذي ثبت فضل صومه في “صحيح مسلم” من حديث أبي قتادة الأنصاري رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (صيام يوم عرفة أحتسب على الله أن يكفِّر السنة التي قبله، والتي بعده).
* التكبير والذكر: ومما يشرع في هذه العشر التكبير والإكثار من الذكر لقوله تعالى {وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ} .
ولما ثبت من حديث عبدالله بن عمر رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (ما من أيام أعظم عند الله ولا أحب إليه العمل فيهن من هذه الأيام العشر فأكثروا فيهما من التهليل والتكبير والتحميد).
* الحج والاعتمار: لما ثبت من حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (العمرة إلى العمرة كفارة لما بينهما، والحج المبرور ليس له جزاءٌ إلا الجنة).
* عدم الأخذ من الشعر والأظافر: وذلك لمن أراد أن يضحي عن نفسه وأهله لما ثبت في “صحيح مسلم” من حديث أم سلمة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إذا رأيتم هلال ذي الحجة وأراد أحدكم أن يضحي فليُمسك عن شعره وأظافره).
* الصدقة: وهي سبب لنماء المال وبركته ، وتستحب في هذه العشر المباركة على الفقراء والمساكين والأيتام والأرامل لإدخال السرور عليهم ونفعهم ، وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (ما نقصت صدقة من مال).
ولتغنموا في العشرِ كلَّ فضيلةٍ
واستبشروا بثوابها استبشَارا
فهنيئاً لمن وفق في هذه العشر للعمل الصالح والتقرّب إلى الله تعالى بأنواع القربات.
خالد بن محمد الأنصاري
مقالات سابقة للكاتب