فن القلطة إلى أين ؟!!

فن القلطة من الفنون التراثية الجميلة، عشاقها كثر ما بين ناقد ومتذوق وممارس، وأغراضها متنوعة ومتعددة، وتناقش كثيرا من القضايا الاجتماعية، وربما أدت إلى معالجتها، أو تخفيف حدتها، وكانت قديما مجالا واسعا لإبراز المهارات ، والعتاب، والنصح ، ومعالجة القضايا القبلية، وربما يصل الأمر إلى المفاخرة لكن بأسلوب نقي يكسوه الحياء، والعفة، ومع هذا يجد فيه المتذوق متعته، والناقد مادته، والممارس ذاته، ثم أصبحت مصدرا للتكسب، إلا أن مادتها ما زالت بخير، وفي الآونة الأخيرة طرأ عليها أمر انحرف بها إلى السطحية، وإثارة العصبية، والسب والشتم ، وربما كان بكلمات تخدش ثوب الحياء، وظهرت تكتلات ، وتحزبات على أساس من القبلية، أو المنفعة، وعلى ضوئها بدأت العصبية تطل بوجهها القبيح، والأنا بدأ يتضخم حتى في بعضٍ من أحواله أزكم الأنوف، وأصم الآذان عن سماعه…

وإنني لأعجب كثيرا من رجل يدعو شاعرين ، أو أكثر ، ويدفع لهما مبلغا من المال مكافأة على تشاجرهما، أو سبابهما في حلته أو حفله، وأكثر عجبا من تشجيع الصفين لهما، ويزداد عجبي من ثناء بعض المستمعين لهما، وعلى ما يصدر من كلمات نابية تمجّها الآذان ، ولا تستسيغها الأنفس ، وهنا أتساءل هل ذبل الذوق، أو ضعفت قيمة الحياء…. وكوني أحد متذوقي فن القلطة، و متابعي عدد كثيرٍ من شعرائه، وحتى لا يموت هذا الفن فيقبر بأيدي ممارسيه، أو يذبل عند عشاقه، فإني أنصح بالآتي:
⁃ البعد عن الحزبية أو القبلية، ويكون الثناء لصاحب الكلمة العذبة العفيفة المعتدلة.
⁃ الكف عن السباب ، والمفاخرة بالقبيلة، أو الذات..، وإن كان ولا بد فبرمزية تقبلها الأنفس ، وتستعذبها الآذان.
⁃ تحقيق معنى القدوة من قبل كبار الشعراء ، حتى يجد فيهم الآخرون المثل الأعلى الذي يحتذى به.
⁃ إعداد جملة من المعايير الأدبية، والاجتماعية ، والفنية، والأخلاقية ، وتنشر للجماهير من باب التوعية ، والتثقيف، والمحافظة على الذائقة الأدبية..
⁃ الاشتراط على الشاعر بأن يكون معتدلا في شعره بعيدا عن الهجاء، وانتقاص حقوق الأشخاص ، أو القبائل..، وإلاّ تسقط مكافأته.
⁃ تشكيل مجلس لهذا الفن الشعبي الأصيل، تحت ظل الجهات المعنية، و يتم اختيار أعضائه بدراية ، وعلى ضوء معايير محددة، لكي ينمو هذا الفن بعيدا عن المناطقية، والقبلية، ويؤدي دوره الاجتماعي بكفاءة عالية، و تكون المهارة الشعرية، والذائقة الأدبية، والرمزية في المعنى ، هي الفيصل في التفاضل،
⁃ هذه وجهة نظر أحد عشاق هذا الفن. لعل عقلائه ، وعشاقه يجدون فيها ما ينفع ويفيد….والله ولي التوفيق ، والقادر عليه.
⁃ وصلى وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه.

حامد بن جابر السلمي

مدير عام التعليم بمنطقة مكة سابقاً 
جدة ..حرر في ١٧/ ١٢/ ١٤٤٥هـ

مقالات سابقة للكاتب

2 تعليق على “فن القلطة إلى أين ؟!!

عبد المعين الشيخ أبو ثامر

ماشاء الله تبارك مقال مميز ياابامفلح وكلام في محله وفعلا هذه الظاهره موجوده ونتمنى ان تتلاشى وشكراً لك على الطرح

مطلق الطياري

شكرا لكم هذا الطرح الرائع الذي نحتاجه بشكل كبير في مثل هذا
الفن الشعبي الجميل والذي تفضلت به انه يحل الكثير من المشاكل اجتماعية أسرية قبلية

وما تفضلت به من رأي في ايجاد جهة ترعاه وتحافظ عليه بالأسلوب الذي يجعل منه رافد من روافد الشعر الشعبي الجميل
ونتمني من الاندية الادبية ان تبادر بمثل هذه المبادرات التي تسهم بتطويره وانتشاره
شكرا مرة ثانية أبا مفلح

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *