قيادة من أجل المستقبل

الذكاء الاجتماعي

يُعد الذكاء الاجتماعي عاملًا مهمًا من العوامل التي يستطيع القائد التأثير على فريقه وتحقيق التميز في المنظمة من خلال بناء العلاقات الاجتماعية سواء داخل المنظمة أو خارجها.

وقبل السعي لتحقيق ذلك المفهوم، على القائد أن يعي أهمية الذكاء الوجداني الذي يُعد أحد العوامل المهمة والمؤشرات على تميز القائد في هذا الجانب، من خلال إنصات هادف يشجع الطرف الآخر على إبراز قدراته والاستفادة منها، وكذلك الاستماع لما يتم طرحه بين الطرفين؛ لمد جسور التواصل بينهما، وعرض رؤى وأفكار كل طرف على الآخر دون مقاطعة أو استحواذ بالحديث ونقاشه على حساب الطرف الآخر.

ويمكن تعريف الذكاء الاجتماعي بأنه القدرة على فهم الآخرين والتفاعل معهم والتأثير فيهم من أجل تحقيق أهداف معينة، وبناء علاقات معهم. وهذا يتطلب الوعي الذاتي الذي يمثل القدرة على فهم الذات، والتعرف على المشاعر الشخصية، والقدرة على التحكم بها، وفهم وجهات نظر الآخرين والإحساس  بمشاعرهم.  وتشمل المهارات اللازمة لبناء علاقات إيجابية والتواصل الفعال، وهذا يدور حول القدرة على التأثير في الآخرين بفاعلية ومد جسور التواصل معهم.

ويهتم الذكاء الاجتماعي بعدد من المهارات والقدرات التي تسهل على الفرد الحياة في المجتمع وفي أماكن العمل، والحياة عمومًا، ومن أهم هذه المهارات: القدرة على الحوار والتعبير، والاستماع الجيد للآخرين، والإنصات إليهم، واحترام وجهات نظر الآخرين وتقديرها.

وهنا يبرز الذكاء الاجتماعي بأهميته الكامنة في القدرة على التواصل مع الآخرين وفهم مشاعرهم وبناء حوار جيد بطريقة صحيحة وملائمة مع أطراف الحوار، وإدارة حل المشكلات والصراعات التي قد تحدث بطريقة بناءة ومثمرة في سبيل بناء علاقات جيدة وهادفة مع الآخرين، ويتحقق ذلك من خلال تفهم واحترام وجهات نظر الآخرين والاستماع لآرائهم بعناية، وبناء لغة تواصل جيدة، وتجنب الانتقاد السلبي والتقليل من الآخرين، وعدم تقدير وجهات نظرهم.

وتعد مهارة القراءة ومطالعة الكتب وتثقيف الإنسان نفسه باستمرار رصيدًا لغويًا ومعرفيًا ومهاريًا كبيرًا، وسوف تساعد هذه المهارة القائد في بناء علاقات جيدة بمن يرأسهم، وتسهل عملية الحوار بينه وبينهم، وتجعلهم مستمتعين ومتفاعلين مع هذا الحوار البناء؛ لأنه يحمل الكثير من المعلومات والثقافة التي تساعد على الإقناع بشكل جيد.

إن بناء علاقات مهنية في بيئة العمل يعتبر من الأشياء المهمة لمن يمتلكون مهارات الذكاء الاجتماعي؛ حيث إنهم مؤهلون أكثر من غيرهم لشغل المناصب القيادية وربما التفوق فيها، والحضور المهني في المنظمة. ومن المهارات المهمة  التي يجب على القائد التحلي بها مهارة الإقناع التي تكون في العادة السبب الرئيس في تفوق من هم أذكياء اجتماعيًا في محيط العمل، والقادرين على التفاعل بإيجابية في المنظمة، وتحقيق أهدافها.

إن الذكاء الاجتماعي وتحقيق مهاراته المختلفة واكتسابها يعد عاملًا مهمًا لتحقيق تميز القادة، وأحد المؤشرات الأساسية والمعايير المهمة التي تجعل القائد يرتقي بالمنظمة ويطورها ويحقق أهدافها من خلال الإنصات والاستماع والحوار، وتشجيع الآخرين، والاستفادة من قدراتهم؛ لتحقيق تميز المنظمة، فالمنظمات التي تبحث عن قادة يحققون تلك المعايير بالتأكيد منظمات تسعى للتميز وتحقيق المنافسة في السوق.

د.محمد بن حارب الشريف الدلبحي

مقالات سابقة للكاتب

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *