التحذير من ظاهرة العقوق

يعد العقوق للوالدين من كبائر الذنوب الموجبة للعقوبة في الدنيا والآخرة؛ وهو قرين الشرك قال تعالى: {وَاعْبُدُواْ اللّهَ وَلاَ تُشْرِكُواْ بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا}.

وقد ثبت من حديث أنس بن مالك رضي الله عنه قال: ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم الكبائر فقال: «الشرك بالله، وقتل النفس، وعقوق الوالدين».

وفي هذه الأيام انتشرت ظاهرة «العقوق» من الأبناء للآباء والأمهات؛ وذلك بالخروج عن طاعتهما، وإهمال حقهما وفعل ما لا يرضيهما، بالجحود لفضلهما، ونكران الجميل لهما؛ وهذا كله دليل على سوء الخلق، ودناءة النفس، وحقارة الشأن، مما يجعل الابن العاق يضرب والديه، أو يشتم أحدهما، أو يقوم بحمله إلى دار العجزة بعد طرده من منزله، طاعة لزوجته أو طمعاً في ثروته.

وهذا يعود في نظري لعدة أسباب من أبرزها:

1 – ضعف الوازع الديني لدى الأبناء.

2 – حب الذات.. والكبر.

3 – رفقاء السوء.

4 – ثقافة الفضائيات السلبية.

5 – التوسع في المباحات.. والتعلُّق بالدنيا.

وهذه ظاهرة خطيرة ينبغي على الدعاة إلى الله تعالى التنبيه عليها؛ وتحذير أفراد المجتمع من الوقوع فيها، وكذلك خطباء المساجد، والمعلمين في المدارس والجامعات؛ وأصحاب الأقلام من الكتّاب والإعلاميين، فالجميع يشترك في التصدي لهذه الظاهرة الغريبة.

وإن البر بالآباء والأمهات هو سبيل السعادة والفلاح في هذه الدنيا, وطاعة الوالدين هي مسلك النجاة في الدار الآخرة.

وقد قرن الله تعالى حق الوالدين بحقه فقال عزَّ وجلَّ: {وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِندَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاَهُمَا فَلاَ تَقُل لَّهُمَآ أُفٍّ وَلاَ تَنْهَرْهُمَا وَقُل لَّهُمَا قَوْلاً كَرِيمًا * وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُل رَّبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا}.

والبر بالوالدين من أحب الأعمال إلى الله تعالى، لما ثبت من حديث عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم أي العمل أحب إلى الله تعالى؟ قال: «الصلاة على وقتها»

قلت: ثم أي؟ قال: «بر الوالدين» قلت: ثم أي؟ قال: «الجهاد في سبيل الله».

فمن كان له أبوان فليهنأ ببرهما، وليسع جهده في إرضائهما، ومن فُجع بفقد أحدهما كما فُجعت فلا ينساه من دعائه؛ والتصدّق عنه؛ وصلة من أحب فإن ذلك من أبر البر.

ولنستمع أيها القراء الكرام إلى هذه الأبيات التي خرجت من نفس أب شاهد عقوق ولده فشعر بمرارة في كبده فقال:

غذوتك مولوداً ومنتك يافعاً
تعل بما أجني عليك وتنهل

إذا ليلة ضافتك بالسقم لم أبت
لسقمك إلا ساهراً أتململ

كأني أنا المطروق دونك بالذي
طرقت به دوني فعيني تهمل

فلما بلغت السن والغاية التي
إليها مدى ما كنت فيك أؤمل

جعلت جزائي غلظةً وفظاظةً
كأنك أنت المنعم المتفضّل

فليتك إن لم ترع حق أبوّتي
فعلت كما الجار المصاحب يفعل

فأوليتني حق الجوار ولم تكن
عليّ بمال دون مالك تبخل

وقد ذكر شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله- في آخر فصل في كتابه «الواسطية» جماع مكارم الأخلاق التي يتخلّق بها أهل السنّة والجماعة فذكر منها «ويأمرون ببر الوالدين».

وذلك لعظم حقهما ومكانتهما؛ فبرهما من أفضل القربات؛ فهو قرين التوحيد؛ وطريق التوفيق والسعادة؛ ومن أسباب بر الأبناء وصلاحهم؛ لما ثبت من حديث ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «برّوا آباءكم تبركم أبناؤكم».

عليك ببر الوالدين كليهما
وبر ذوي القربى وبر الأباعد

خالد بن محمد الأنصاري

 

مقالات سابقة للكاتب

تعليق واحد على “التحذير من ظاهرة العقوق

ماريا نضال

قرن الله طاعته بطاعة الوالدين ، ورضا الوالدين من رضا الله ، كل أسباب النجاح والبركة طاعة الوالدين .

قال : بر الوالدين سر السعادة وضده الشقاء والتعاسة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *