نعم .. ( هذا ما اعتقده ) لأن النفس عادة لا تحب من يستنقص فيها أو منها شيئا .. !!
الحل :
أشعره بالاهتمام بما ترى أنه مقصر فيه أو يحتاج لأن يهتم به .. !!
بمعنى (لا تقل مباشرة أنت مقصر ..!!) وإنما إلفت نظره للاهتمام بما تحب أن يقوم به أو يبتعد عنه .. وتأمل هذا المثال (لو كان يقوم الليل) .. !!
عن سالم بن عبد الله بن عمر بن الخطاب رضي الله عنهم عن أبيه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: « نِعْمَ الرَّجُلُ عبد الله، لو كان يُصلِّي من الليل» قال سالم: فكان عبد الله بعد ذلك لا يَنامُ من الليل إلا قليلًا. وتأمل لفظة ( نِعمَ )
وكيف تخترق وجدان الإنسان ليقوم بما بعدها من توجيه .. !!
وكذلك الإيماء إلى ما ترغب حصوله او الامتناع عنه ( ما بال أقوام .. ) التلميح دون التصريح أحيانا يؤتي أكلَه وفقا للذكاء الذي يحمله في التوجيه واقتناص الفرص لإيصال الرسالة ..!!
ومن ذلك التحفيز بالقيمة والمكانة ومثاله .. ( وعقلك عقلك ..!!)
وأصل القصة حديث في عمرة القضاء بين الرسول ﷺ والواليد ابن الوليد أخ خالد بن الوليد حيث سأل الرسول ﷺ الوليد عن أخيه خالد بقوله ( ما مثله يجهل الإسلام .. ) .. وهذا المنطق النبوي حفز خالد لما سمعه من خلال كتابة وكلام أخيه له بقوله ( أما بعد : فإني لم أر أعجب من ذهاب رأيك عن الإسلام، وعقلك عقلك !! ) .. فاستدرك يا اخي ما فاتك من مواطن صالحة ) .. يقول خالد فنشطت بهذا الكلام المحفز .. حتى أسلم وكان بعد ذاك ( سيف الله المسلول) .. !!
إشعار الإنسان (برجاحة عقله) لها أثر يخترق العقل حينما نشعره بمكانته.. !!
وفرق بين أن تشعر برجاحة العقل وخفته .. !!
نحن نقول أحيانا من باب التحفيز ( يجب أن لا تفوتك هذه الأمور .. او هذه الأعمال .. وأنت خير من يقوم بذلك ) وأنتم خير من يحمل هذه الصفات .. وهكذا من أساليب التحفيز للقيام بما يصلح سيرة الإنسان وأداء عمل ما ..!!
ثم أعجبني كتابة الوليد لأخيه خالد رضي الله عنهما .. بكلام يستحق أن يُراجع ويُستفاد من أسلوبه (وهذا يشير إلى أهمية تأثير المكاتبات والرسائل بين الأحبة والزملاء والأقارب في تحفيز بعضهم لبعض وحثهم فيها لهم في عمل أو إطراء لهم بما يقومون به من خير ) .. وفي ذلك أجر عظيم لأن في ذلك تقوية لإرادة الإنسان وجبر لخاطره وإشعارا له بالتقدير وبتبادل المشاعر معه.
وكل ذلك من الأساليب التي تعين على دفع الإنسان لبذل الجهد والتفاني فيه والعمل من أجلها والدعوة إليها.
بل .. حتى مع السلوك الخاطئ يمكن تجنب مشاهد الذم والاحباط واللوم والتجريح إلى قول (أنت أكبر وأعز من هذا .. وأنت من أسرة تحمل تاريخا من الفضائل .. وأنت ممن لهم تأثير علي الناس بطيب معدنك وسمو أخلاقك )
وهكذا من الأساليب التي تعالج الإشكالية بطريقة معرفية وعلمية محفزة لتغيير السلوك أو للتحفيز للعمل فعلا أو تركا .. وكل ذلك يحتاج لفن في استغلال الظرف والموقف والتوقيت للثناء في عملية البناء للقيمة.
وكم فعلا أثرت فينا رسائل وكلمات من أحبتنا دون علمهم .. !! ولهم أجرهم.
أخيرا ..
(من دخل بيت أبي سفيان فهو آمن )
هذه العبارة .. تصور أنها تقال لمثلك في الحفاوة والكرم والاحتواء وتقدير المكان والمكانة ) .. أساليب نبوية
متنوعة ترسخ فينا (حكمة المنطق ) وجماله في أحاديثنا ورسائلنا فيما بيننا كي تؤثر في واقع حياتنا وعلاقاتنا وطرق اقناعنا للناس كي يجسدوا الخير الذي كله لصالحهم وبناء وأمن مستقبلهم.
أ.د خالد بن عبدالعزيز الشريدة
مقالات سابقة للكاتب