أرسل لي أحد الأصدقاء مقطع فيديو وما إن ضغطت بإصبعي لفتح المقطع كما يفعل كل الناس وفُتح المقطع فيا لروعة ما رأيت وسمعت فيه، في أول المقطع أطلت الكعبة المشرفة وحولها الطائفين والركع السجود في كل زاوية وركن من أركان البيت العتيق في مكة حرسها الله ورفع شأنها عاليا وجعلها عامرة على مدى الدهور والسنين والأحقاب وفجأة ارتفع صوت الحق مناديا للصلاة فيا لروعة ما سمعت صوت طالما شدني وهز كل كياني فإذا بكل جارحة من جوارحي تنصت لذلك وكأن الأفلاك في الأعالي توقفت عن الدوران، نعم إنه صوت المؤذن الشيخ حسان رشاد زبيدي رحمه الله رحمة واسعة وذلك الرجل عندما يصدح بالآذان الأول في الليل وكأنه صوت ينزل ويهبط من السماء وليس مصره من الأرض وساكنيها، فقد كنت أصعد على سطح المنزل في الهزيع الأخير من الليل قبل الفجر بساعة فأرى منارات ومآذن المسجد الحرام في مكة حرسها الله وفجأة يصدح ذلك الرجل ذلك الإسان بهذا النداء السماوي فيلامس في رفق كل أفئدة الغافين أن هبوا الى رحمات ربهم الغفور، نعم يصدح بهذا النداء الرباني فكأن كل شيء قد توقف عن الحراك، الأفلاك ، النجوم ، الكواكب، وكل نسمة في هذا الكون الفسيح تجمدت لتصغي في صمت مهيب لهذا الصوت فإذا المدامع تنساح من المآقي فتبلل الأرديه واذا الأكف ترتفع في خشوع وتضرع الى خالقها في تجلي وإذا القلوب وكأنها تكاد لا تخفق في الصدور كي لا تعكر دقاتها وخفقانها صفو ذلك الهدوء المهيب.. نعم رحم الله الشيخ حسان رشاد زبيدي وكل المؤذنين الذين يرفعون صوت الحق عالياً عاليا…
رحم الله الأئمة في كل مساجد العالم ومؤذنوها، وعندما أمعن النظر وأرهف السمع لصوت مؤذني مكة والمدينة أكاد أجزم أن الله سبحانه وتعالى هو من يختار أولئك الناس وإلا كيف نفسر الرعدة التي تنتابنا ونشعر بها عندما يرفعون الآذان شيء لا يمكن أن يفسر بغير ذلك.
والمؤذنون منذ وعيت معنى الأذان هم يشعرونني أن هناك سر في هذا الأذان بل منذ أن رفع بلال بن رباح مؤذن الرسول أول مرة في المدينة صوت الحق وهو يصدح الله أكبر الله أكبر …
لقد مر على الحرمين الشريفين مؤذنون لا أقول الا كما يقال للمحظوظ ( يا بختهم ) الشيخ عبدالرحمن مؤذن الشيخ عبدالله بصنوي الشيخ إدريس كنو الشيخ محمد سراج معروف الشيخ فاروق حضراوي والشيخ على ملا الذي مهما قلت عنه فلن أصل الى وصفه بدون أن أنقص من الآخرين والخوجة والريس وغيرهم كثر مروا ومرت أصواتهم الندية على آذاننا ومسامعنا فشنفتها وهناك من لا يحضرني أسمائهم وهم مكتوبة أسمائهم في الملأ الأعلى، يقول ﷺ:( المؤذنون أطول الناس أعناقا يوم القيامة) ٠
نعم لي ذكريات مع هذا الصوت بالذات الشيخ حسان رشاد زبيدي تكاد تتوقف كل عبارات وكلمات الوصف عن وصفها فقط بجملة واحدة انه صوت من السماء وكفى.
إبراهيم يحيى أبو ليلى
مقالات سابقة للكاتب