مقاول ” سره باتع “

إذا شاهدت في البلدات و القرى التي تقع خارج المدن مشاريع لم تكتمل ، فاعلم يقيناً أن تلك المشاريع يتم ترسيتها على مقاول واحد.

قد لا تستغرب إذَا رأيت المقاول اكتفى بإنجاز ٢٥ ٪ من المشروع و رحل، لأنه أمر متكرر و متعايشين معه ، لكن الاستغراب إذَا كانت الجهة الحكومية المشرفة عليه تدافع عنه ، و تبرز إنجازاته ، و تفيد بأنه حصل على تمديد لا ينتهي ، و أن معداته ينفذ بها مشاريع أخرى بالمنطقة.

وإذا كان النظام ينص على طرح المنافسات و إعلانها أمام الجميع ، و يؤكد على سرية الإجراءات ، فكيف تذهب المشاريع الدسمة إلى مقاول واحد .. ما هو لغز المقاول الواحد ؟

هل “سره باتع” كما في لهجة التهكم المصرية ؟ .. بتنا نشعر أنه يمتلك صفات خارقه لا تتوفر لأحد، فبالإضافة لكونه متقن فذ ذكي عبقري محظوظ مبدع، فهو أيضاً صاحب حدس عال، يحسن توقع جميع العطاءات المقدمة ، لذا يقدم السعر الأقل و ترسو جميع المشاريع عليه.

و إذا لم يقدم السعر الأقل بالمناقصة ، فأيضاً يرسو المشروع عليه ، لأنه الأكفأ و الأحسن و الأجدر و الأفضل ، ( و وجه تعرفه ولا وجه تنكره) كما يقول أهل الحجاز.

و الغريب أن بالعديد من المحافظات يتخصص أحد المقاولين من أصحاب الأسرار الباتعة لجميع مشاريعها، و أحياناً تزداد كراماته فيجمع بين محافظتين أو أكثر ، و ياليت أنه مع ذلك ينجز تلك المشاريع ، و لكننا نجده يسفلت جزء من المخطط السكني و يرحل ، يكتفي بإنارة و رصف الشارع العام و يرحل ، يعتبر أن ساكني القرى يكرهون النور و الرصف فلا يكملهما ، يمهد جزءا من المخطط و يرحل ، ينفذ أعمال النظافة بجزء من القرية ، يسوِّر جهة من المقبرة و يترك الباقي و يرحل ، ينفذ جزءا من الطرق بين القرى و يرحل؛ و مشاريع أخرى يأخذها و لا ينفذها لأنه يرى أنه من الإسراف تنفيذها، و المسرفين إخوان الشياطين.

على مدار الخمسة عشر سنة الماضية أُعتمدت مئات المشاريع لكل محافظة ، لو نفذت كلها أو نصفها كما يجب لتحولت إلى مناطق نموذجية ، و لكن سكت أهل المحافظات و القرى على ” إبداعات المقاول الواحد” كما سكتوا عن المطالبة بالخدمات الأخرى ، فتوقفت عجلة التطور بقراهم و بلداتهم.

و لابد من مبادرة الأهالي بكل مركز لتكوين “لجنة تطوير” يتوازعون الأدوار من خلالها للمطالبة بالخدمات و مراقبة تنفيذ المشاريع و الرفع بملاحظاتهم لإمارة المنطقة و الوزارات المعنية.

و يا مديري الإدارات بالمدن زوروا الضواحي و القرى و خذوا قائمة بالمشاريع المعتمدة لها على مدار الخمسة عشر سنة الماضية و انظروا هل أُنجزت أم لا ؟! .

 

د. مشعل حسن القريقري

 

مقالات سابقة للكاتب

7 تعليق على “مقاول ” سره باتع “

الصريح

مثل خليص يوجد مقاولين بالباطن وهذا للأسف في كل منطقة ومحافظة للأسف

احبك يا وطني

الدراهم كالمراهم

عبدالعزيز الحربي

المقال ينطبق على بلديه خليص وتعاملها مع القرى التابعه لها. مقال على الجرح يادكتور مشعل. ولا تحرمنا ابداعك

احمدمهنا

أهلا بالدكتور مشعل ومرحبا
سعدت بقراءة مقالك، وفقك الله لكل خير.

محمد الرايقي

صاحب السر الباتع سرطان ينهش في تنمية الوطن
اتخذته الإدارات لتدمير التنمية في المحافظات والمراكز
وليس لتطويرها وإبراز نهضتها.
فالسؤال :لماذا هو الوحيد الذي يحظى بهذا الدلال ؟
هل لمصالح شخصية أم لاهداف نجهلها ؟!!
نشكرك أستاذنا الكريم الدكتور : مشعل القريقري
على اطلالتك علينا في صحيفة غران بهذا المقال الراقي في كلمته والفاخر في طرحه.

عبدالرحيم الصبحي ـ أبو أوس

أهلا بك دكتور مشعل كل عام وأنتم بخير
ذكرني مقالك ببحث قام به الدكتور أحمد درباس على توصيات اجتماعات وزير التعليم مع مديري المناطق الذي يقام كل عام فجمع توصيات خمسة وعشرين سنة ووضعها للناس في كتيب ليرى الجميع أين موضع الجرح وباختصار كانت التوصيات في الخمسة والعشرين عاما منسوخة مكررة لم تتغير لا في اللفظ ولا في الترتيب .
واليوم في مقالك تشير إلى السر المشترك الذي يعاني منه الجميع والذي إذا استمر لن تتحقق معه رؤية 2030 التي تحمل امال الكبير والصغير الغني والفقير والصحيح والمريض [ سر الفساد ] و [ سر إعطاء المكان لغير أهله ] وطالما بقي هذا على المواطن بكذا وعلى الدولة بكذا كمثل الدينمو الذي تشتريه انت بخمسمائة ويحسب على الدولة بثمانية عشر الف اذا استمرت هذه المقارنات سيقى السر في بئره .
أحبائي لا يهمنا أين مكان السر ولا صاحبه إنما يهمنا أن نقف صفا واحدا حكومة وشعبا نتربى على الإخلاص والنزاهة لمصلحة وأمن هذا الوطن الذي يعيش بفضل الله ثم بدعوة سيدنا إبراهيم وما تبقى من الصالحين بخير .
شكرا زميلي العزيز دكتور مشعل بك وبأمثالك المخلصين ستنثل مملكتنا من يعمل على الكيد لها أو افساءة لها.

ولن يخذلنا الله في كشف المستور والسير بوطننا إلى منابر النور

مهندس محمد

اصبت كبد الحقيقه يادكتور مشعل
وللأسف الشديد هذا حالنا
صاحب السر الباتع لديه نفوذ .
ونظام المناقصات الحكوميه صريح وفيه يجب ان يكون لكل مشروع كراسة شروط ومواصفات وتطرح في اعلان رسمي ويتقدم لها اكثر من مقاول ويؤخذ باقل الاسعار ولكن اذا ظهر الفساد عندها يتم تجاوز النظام وعدم العمل بلائحة المنافسات الحكوميه الواضحه والصريحه. والحل في نظري هو المنافسات الالكترونيه او لجنه المنافسه تكون من الماليه والاداره صاحبة المشروع وديوان المراقبه العامه لنضمن بذلك مقاول نافع وليس باتع
وختمت مقالك يادكتور مشعل بعمل لجان من الاهالي ولكن بهذا غيبت دور المجلس البلدي الذي سعى الاهالي ليجعلوا مرشحيهم يقوموا بهذا الدور ولكن للأسف على مدى 12 عاما في محافظتنا لم نرى الدور الايجابي للمجلس البلدي فياترى اين الخلل؟؟؟؟
لاحرمناك يادكتور مشعل
وشكرا لصحيفة غران صاحبة الرأي والرأي اﻵخر والانتشار الواسع

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *