المعالم المائية القديمة والسدود.. منبع لتاريخ توفير المياه بمحافظة رابغ

تُشكل محافظة رابغ الواقعة على بعد 140 كيلو مترا عن جدة ، نموذجا ملهما في استدامة المياه، بمعالمها المائية التاريخية، التي تطورت عبر الزمن لتصبح اليوم محطات متميزة لتحلية ومعالجة المياه، ومراكز رائدة للتدريب التقني والمهني.

وساعد وجود العديد من المعالم المائية قديما برابغ، في توفير مياه الشرب والري للأهالي في تلك الفترة، حيث كان السكان يعتمدون على الخزانات التي يتم حفرها في الأرض بعمق ثلاثة أمتار وقد يصل طوله إلى عشرين مترا، وتسمى “ الصهاريج ” ويتم بناؤها بشكل فني وحضاري من صخور ” القف ” وتسمى أيضا ” بالحجر المنقبي “، وهي حجارة بحرية قوية وقابلة للقطع والنحت توجد على طول ساحل البحر الأحمر وتتميز بصعوبة تأثرها برطوبة البحر، فيما يتم غلق هذه الخزانات من الأعلى حفاظا على المياه من التلوث ويجعل لها فتحات جانبية لتنحدر له مياه الأمطار عند هطولها.

وتستمر المياه نقية في الصهريج لمدة ثلاثة أشهر، حيث ينتفع بها السكان في رابغ وما حولها، كما يستفيد منها الحجاج والزوار العابرون إلى مكة المكرمة والمدينة المنورة للشرب والطبخ ونحوه.

وإلى جانب الصهاريج، أسهمت الأودية توفير احتياجات السكان للمياه، ومن أشهرها ” وادي رابغ “، الواقع شرق ساحل البحر الأحمر في منتصف الطريق بين مكة المكرمة والمدينة المنورة الذي ينحدر من سراة الحجاز شرقا إلى البحر غربا، وهو واد كبير يعبّر عنه أحيانا بالنهر لطوله ويتكون فيه غدران عديدة منها غدير خم المشهور.

وللاستفادة من مياه الوادي، تم بناء سد وادي رابغ والذي جرى تدشينه عام 2009 م، حيث يتم إعادة استخدام مياه السد بشكل دوري لري الأراضي الزراعية في المحافظة.

ويبلغ طول السد حوالي 380 مترا ويصل ارتفاعه إلى 80 مترا تقريبا وتقدر سعته الاستيعابية بأكثر من 220 مليون متر مكعب، فيما يتم فتح بوابات السد بين حين وآخر لتلبية احتياجات المزارعين ورفع منسوب المياه في الآبار على مجرى الوادي بعد التنسيق مع الجهات المعنية لأخذ الاحترازات اللازمة.

وتتميز محافظة رابغ بوجود محطات رائدة في مجال تحلية المياه المالحة تعمل بتقنيات متنوعة ومبتكرة، منها محطة التحلية بتقنية الامتصاص، وهي مشروع مشترك بين مدينة الملك عبد العزيز للعلوم والتقنية، وتحلية المياه (المؤسسة العامة لتحلية المياه سابقا)، التي تعمل وفق تقنية متطورة لتوفير مصدر مياه محلي مستدام، وتسهم في القضاء على نقص المياه.

وتُعد أكبر المميزات البارزة للمشروع، استخدامه للتبريد بالامتصاص البلوري على نطاق صناعي، الذي لا يزيد الكفاءة فحسب، بل يقلل أيضًا من التأثيرات البيئية السلبية من عدم عودة الملح، وتستطيع المحطة إنتاج 5000 متر مكعب من المياه المحلاة و700 كيلوجرام من الملح يوميًا، بينما تستهلك 3.5 ميجاوات فقط من الطاقة الحرارية و1.5 ميجاوات من الطاقة الكهربائية.

ومن تقنيات التحلية المستخدمة في رابغ، تقنية التقطير متعدد التأثير في محطة رابغ الثانية التابعة لتحلية المياه أيضا وتبلغ الطاقة الإنتاجية للمحطة قرابة 20 ألف متر مكعب يوميا وهي من المحطات القليلة التي تعمل بهذه التقنية بكميات تجارية، فيما تمتاز محطة رابغ الثالثة، بأنها أول محطة استطاعت إنتاج المياه المحلاة بكميات تجارية بمعدل قياسي لاستهلاك الطاقة بلغ 3.5 كيلو واط في الساعة فقط، كما يعد مشروع محطة رابغ الرابعة لتحلية المياه بتقنية التناضح العكسي وبطاقة إنتاجية تبلغ 600 ألف متر مكعب، من المشاريع الحالية للشركة السعودية لشراكات المياه في المحافظة .

وتحتضن رابغ، أكبر محطة في العالم لتحلية المياه باستخدام تقنية التناضح العكسي، وفقا لموسوعة غينيس للأرقام القياسية، وهي محطة رابغ الثالثة لإنتاج المياه وهي أحد مشاريع الشركة السعودية لشراكات المياه، بالتعاون مع القطاع الخاص وتبلغ طاقتها الإنتاجية 600 ألف متر مكعب يوميا.

وتوجد في رابغ محطة لمعالجة مياه الصرف الصحي تم تشغيلها نهاية العام 2020 م لتستقبل صهاريج نقل مياه الصرف الصحي من جميع أنحاء المحافظة، ليتم بشكل يومي معالجة 15 ألف متر مكعب من مياه الصرف الصحي من خلال عمليات المعالجة الثلاثية (الفيزيائية والكيميائية والبيولوجية) وذلك بغرض الحفاظ على البيئة ويتم الاستفادة من هذه المياه لأعمال التشجير.

وتماشيا مع رؤية المملكة 2030 ووفقا لمستهدفات برنامج تنمية القدرات البشرية نحو إعداد مواطن منافس عالميا، قامت أكاديمية الطاقة والمياه (المعهد العالي لتقنيات المياه والكهرباء سابقا) بمحافظة رابغ وبدعم من صندوق تنمية الموارد البشرية ” هدف “، بتأهيل وتمكين دفعات رائدة من شباب وشابات الوطن للعمل في مجال معالجة وتحلية المياه من خلال برامج تدرب مهنية مبتدئة بالتوظيف، حيث تم تخريج أول دفعة من الشباب السعودي في تخصص معالجة المياه في عام 2023، إضافة إلى تدريب وتأهيل أول دفعة من الشابات السعوديات في تخصص تقنية التناضح العكسي لتحلية المياه بالتعاون مع شركة أنجي الفرنسية.

وقال الرئيس التنفيذي لأكاديمية الطاقة والمياه برابغ المهندس طارق الشمراني: إن محافظة رابغ تحتوي على مقومات الاستدامة المائية في أبعادها الاجتماعية والاقتصادية والبيئية، مؤكدا على أهمية نقل وتوطين المعرفة وتأهيل وتمكين الكوادر الوطنية في مجال تقنيات معالجة وتحلية المياه على مستوى الإدارة والتصنيع والتشغيل والصيانة بما يحقق مستهدفات الإستراتيجية الوطنية للمياه، منوها بالدعم الذي تحظى به الأكاديمية، بهدف تمكين أبناء المنطقة للعمل في محطات تحلية ومعالجة المياه، لا سيما تلك المحطات التي تعمل بمصادر طاقة متجددة.

تعليق واحد على “المعالم المائية القديمة والسدود.. منبع لتاريخ توفير المياه بمحافظة رابغ

ر.ي

نقطة ماء تعني الحياة ، وإنه انجاز عظيم مشروع بناء السدود والاستفادة من مياه الأمطار والسيول ومنذو القدم والإنسان يعمل ويجتهد ويبتكر لأجل الحصول على الماء نعم لأجل الحصول على الماء فهو عصب الحياة وكل كائن حي على كوكب الأرض لا يستطيع أن يستغني عن الماء حتى كافة النباتات والأشجار تحتاج إلى الماء ويستخدم كذلك الماء في أغراض كثيره منها الشرب ، وفي طبخ الطعام وفي ري المزارع [ الخضروات ، الفواكه ، الأشجار المثمرة ، الورد ، الورقيات مثل الكراث والجرجير والنعناع ، نباتات الزينه مثل الصبار والزهور ] والماء نعمة كبيره ويقال للشجرة المثمره إنها [ظل وثمر ] والناس في طبيعتهم يحبون الماء والأشجار
والإنسان يسعى في هذه الدنيا لأجل طاعة الله ولأجل عمارة الأرض ، وأخيرا نفتخر بأن بلادنا لديها أكبر محطه في العالم لتحلية المياه بإستخدام تقنية( التناضخ العكسي) وصدق من قال [ الماء ثروة ] ولا يزال العلماء يبحثون عن الماء في الكواكب القريبه من الأرض.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *