لقاءُ الأحبةِ

لقاء علمي ماتع جمعني هذه الليلة في مكتبتي الخاصة بكوكبة من علماء المدرسة الحديثية المعاصرة في بلدنا الثاني الجزائر – أرض العلم والعلماء – .

ومن المعتنين بالسنة النبوية الشريفة والرد على الشبهات حولها والتخصص في علومها رواية ودراية فجال في خاطري حينها قول الشاعر:

‏جزائر الخير أين الرائح الغادي

أين ابن باديس ،أين اللحن والشادي

********

جزائر الخير ، تاه اللحن في شفتي

وضاق عن حسراتي ثغر إنشادي ⁧‫‬⁩

 وكان على رأسهم أخينا فضيلة الشيخ الدكتور نبيل بن أحمد بلهي ومع أخينا فضيلة الشيخ الدكتور سامي رياض بن شعلال وأخينا فضيلة الشيخ الدكتور نور الدين بن محمد تومي ، طفنا خلاله بين مؤلفات الإمام ابن قيم الجوزية – رحمه الله – والدراسات الحديثية حولها ومن ضمنها رسالة الشيخ الدكتور نور الدين تومي والتي بعنوان (تعقبات الإمام ابن القيم على العلماء في الحديث وعلومه).

وذكر لنا في هذا المجلس أنه وقف على خمسة مواضع خالف فيها الإمام ابن القيم شيخه شيخ الإسلام ابن تيمية وفي هذا رد على من يقول أن ابن القيم مقلد لشيخه.

ثم دار الحديث عن شيخنا معالي الشيخ صالح بن عبدالعزيز آل الشيخ ودوره في نشر العلم في أرجاء الجزائر في بداية التسعينات من خلال مؤلفاته وشروحاته العقدية والعلمية النافعة.

وكيف أنهم بداية التسعينيات الميلادية لا يعدون طالب العلم طالباً حقيقياً حتى يمر عليها ويستظهر مسائلها.

 وذكرنا بعض شيوخنا في المجلس وبعض مؤلفاتهم وتناولنا جديد ما طبع من الكتب.

‏ما أجملها من مجالس إنها “مجالس العلم” والفقه والإيمان والخشية والذكر والإحسان

‏مجالس العلم والسنة والقرآن 

‏مجالس العلم تروي كل قصتنا

‏إن قلت حدثنا يحيى وسفيانُ

‏ما أمتعها وأشدّ لذاذتها تلك اللقاءات التي تحتضنها ظلال الحرف الوارفة ؛ إنها لحظة ترسم أحداثها في لوحة ربيع العمر لتبقى راسخة لدى الأصحاب والأحبة بذكرياتها ومودتها وفرائدها العلمية النافعة .

وأطيبُ الصّحبِ من كانت مودّتهُ

‏تزكو به النفس، ترقى فيهِ إيمانا

********

‏يُذكِي الفؤادَ بما يُبقِي بشاشتهُ

‏يُصيّرُ العَتْمَ في جَنبيّ ألوانا 

قـال الحسن البصري – رحمه الله – :

‏”مجلس الذِّكر محياة للعلم ويُحدِث في القلب الخشوع ، والقلوب الميتة تحيا بالذِّكر ، كما تحيا الأرض الميتة بالقطر”.

وقال الإمام ابن القيّم – رحمه الله – في كتابه “روضة المحبين” : (ص ٦٧) :

‏”التناسب الذي بين الأرواح من أقوى أسباب المحبة فكلّ امرىء يصبو إلى ما يُناسبه”.

ولا يفوتني بأن أذكر بعض مؤلفات ضيوفنا الأفاضل فاللشيخ نبيل بلهي عدة مؤلفات وبحوث من أبرزها:

“مسالك نقد المتن عند نقاد الحديث في القرن الثالث الهجري”.

“طعون المعاصرين في أحاديث الصحيحين بدعوى مخالفتها للقرآن الكريم”.

“الإمام البخاري والسلطة السياسية”.

“كتاب الورع” لابن حبيب الأندلسي -تحقيق-.

وللشيخ نور الدين تومي عدة كتب وأبحاث منها على سبيل المثال:

‏”تحقيق القول في سماع سعيد بن المسيب من عمر رضي الله عنه” .

‏”الطعون الموجَّهة لصحيح البخاري والجواب عنها”.

“إعمال المحدثين للعقل في النقد الحديثي ، دفاعًا عن المحدثين في استعمال العقل في نقد الحديث”.

“الإعجاز العلمي والغيبي في السنة النبوية وأثرهما في إثبات وحيية السنة”

وللشيخ سامي رياض بن شعلال عدة مؤلفات وبحوث منها:

“منهج النقد الحديثي عند الحافظ الناقد أبي يعلى الخليلي”.

“نفي السماع في الإسناد بين الرواة للدلالة على الوهم عند النقاد”.

“فتح البرية بشرح العقائد الإسلامية: لابن باديس”.

وفي هذا اللقاء العلمي كانت لحظاتنا مثل صفحات كتاب نادر ، مليئة بنقاشات ونبضات ثقافية تخترق الصمت لنرتقي معاً في سماء الجمال والمحبة والأخوة الصادقة النقية التي لا تشوبها شائبة :

‏ لي إخوةٌ بدعاءِ الوصلِ كم قَنتوا

‏فما شجاني بهمْ بُعدٌ ولا عَنَتُ

*********

 جُذورُهمْ في رياضِ الحُبِّ راسخةٌ

‏ولو تميلُ بهمْ دنياهمُ ثَبتوا

*********

‏ أرى ظِلالَهمُ في الروحِ وارفةً

‏كأنهمْ في حَنايا أضلعي نَبتوا

وكان لقاءً ماتعاً جداً مفعماً بالتآخي ، وهذِهِ الأخوة هي أخوة الإيمان اليقيني .

الثلاثاء ٣٠ صفر ١٤٤٦هـ

بمكة بلد الله الحرام

خالد بن محمد الأنصاري

مقالات سابقة للكاتب

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *